منتدى آفاق الفلسفة و السوسيولوجيا و الأنثروبولوجيا


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى آفاق الفلسفة و السوسيولوجيا و الأنثروبولوجيا
منتدى آفاق الفلسفة و السوسيولوجيا و الأنثروبولوجيا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

استمارة الاستبيان .... محاولة للتقييم

اذهب الى الأسفل

استمارة الاستبيان .... محاولة للتقييم Empty استمارة الاستبيان .... محاولة للتقييم

مُساهمة من طرف ابراهيم الساعدي الإثنين يوليو 26, 2010 3:23 am

استمارة الاستبيان
محاولة نظرية للتقييم
بقلم : محمد ديلان حنون

لا
ريب ان بدايات ما كنتُ أروم تقييمه حول مصداقية هذه الأداة المكلّفة كأحد
مصادر جمع المعلومات من الوقائع الميدانية ترجع الى عهد دراستي الأولية
عندما كنت طالباً في قسم الاجتماع...... وأيام ما كان استاذنا "المسكين"
يجهد نفسه برسم خطوط المعادلات الرياضية والقوانين المبعثرة هنا وهناك،
فينذرنا تارةً ويمتعظ منا تارةً أخرى، محذراً لنا، خائفاً راهباً......
وان أي محاولة لتجاوز تطبيقها –المعادلات- على نحو غير سليم، فعاقبتها
الفشل في الدراسة، وربما الفشل حتى في الحياة.......

وكنتُ اتساءل
حينها عن جدوى ما ندرسه نحنُ "اللاهثون" وراء المعرفة الاجتماعية، وهل يصح
ان نصير الحياة الاجتماعية ونختزلها بمجموعة قوانين رياضية؟...... وهل
يجوز ان نتلاعب بمشاعر الإنسان وضميره وفكره وتفكيره، وحركته وسكونه،
وفرحه وحزنه، بإشارات سالبة وموجبة، وبرموز مخيفة، ملتوية ومعقوفة، وكسور
القسمة وعلامات الضرب، وأكبر وأصغر، وينتمي ولا ينتمي .........

في
البدء كنتُ أخشى من ذلك؛ فربما تكون عدم معرفتي وقلة اطلاعي حائلاً لتقييم
سليم لما راغبٌ معرفته، ولكن التنظير شيء، والحياة الاجتماعية شيء آخر،
لأنّ معنى ان نتفاعل مع الحياة في المجتمع الذي نعيش فيه، هو انّ يكون
لدينا قابلية مؤهلة للتصدي لأية عوائق للحيلولة دون ذلك التقاعل........

إذ
لم تشأ العلوم الاجتماعية في مرحلة تنشأتها النظرية ان تؤسس بياناتها
الفكرية الأولية على اساس الموضعة النظرية القائمة وفقاً لمعايير الحسابات
والاعداد الرياضية، قد يكون الاختيار قديماً مرهوناً بطبيعة ما كان "مفكرأ
فيه" ولما أضحى يدور في أذهان المؤسسين الأوائل الذين بنوا معارفهم
النظرية في ابرام ظاهرة التطابق الموضوعي بين العلوم الانسانية والعلوم
التطبيقية الصحيحة، وحتى في الحالة الاخيرة لم يتجرء أحدهم على استخدام ما
كان متداولا في ميدان الجعل الرياضي لقوانين الفيزياء والكيمياء مثلاً،
وإنما يعني الأمر مقتصراً على حالة التشابه الموضوعاتي لا غير، على اعتبار
ان العلوم الانسانية هي جزء من العالم الطبيعي/الفيزيقي وان الانسان مظهر
الموجودات الطبيعية بل وأهمها......

لقد تحول الانسان، ذلك الكائن
العجيب الغريب الأطوار، الى ذاتاً محسوبة، يضاف مرة ويطرح أخرى، ترهق
انسانيته وتذل امام سطوات الاختبار والاختيار، ولعنات الحساب والعداد،
الذي لا يفد ولا ينفد، انه تعنيف له للكشف عن مخرجات لا حقيقية ولا تمثله
وجوداً او عدماً......
انّ ما يفضحه المدروس/المبحوث من اجابات لا تعدو
ان تسلم من دواعي التكذيب او التلفيق، وما ينبري اليه ذلك الباحث/الدارس
يغاير مهمته للحصول على دقة ما يروم الحصول اليه، في الكشف عن حقيقة ضائعة
وجدها الا وهي ادعاءات الحقيقة وقولها، او كذب ما يقول ........

ولذلك
نتساءل جميعاً أيها الاخوة عن معنى ومغزى هذه الاستمارة؟..... وهل كاداة
أو وسيلة صالحة للعمل ضمن مدارات ميدان الحياة وواقعه؟...... هل يجوز
–عملياً- ترتيب آثار ونتائج "عامة" على اداة لها خصيصتها النسبية؟......
ألا يعد هذا الاسلوب في البحث بمثابة مخاطرة علمية في مجال التنظير في
الحياة؟....... ومن ثم ماذا تعني قوانين لأصحابها سوى اختزال لتعميم
الحقائق لا اظهارها؟....

كما ان الفروض العلمية التي يبتدعها
الباحث هي عبارة عن رهانات خاسرة، قاصرة، لا تبلغ الحقيقة، اذ يبقى
"باحثنا" يتململ بين مراقصة فرضيته في اثباتها من عدمه، لقد حجّمت
مؤسساتنا العلمية في أقسام علم الاجتماع القدرات الذهنية لباحثيها وضيقت
مجال تفكيرهم، واجهضت أي محاولة لهم للإبداع والاختيار او التنظير، وحددت
رؤيتهم على اساس المسآلة الاستجوابية للمبحوثين وكأنهم رجال أمن او محققين
امنيين، حذرين ومحذورين........

وقد مارس اصحابنا المعلمين في علم
الاجتماع اقهار الدارسين في مجال علوم الانسان الاخرى وسيلتهم "الفرضية"
هذه والزمونا بأشياء دخيلة علينا والزموا بها انفسهم، واظهروا مسميات أخرى
ومصطلحات جديدة غريبة لا نفهمها ولا يفهموها، ونعتوا دراساتنا
بـ"الواهية": "يقضون حياتهم في دراسة الانثروبولوجيا ثم يكتبون رسائلهم
واطروحاتهم في علم الاجتماع" !!!!!........
وغدت هناك مؤامرة خطيرة
علينا، وقد انبرى احدهم بصوته المرتفع وهو يرتجف ضائقاً منا: اقفلوا هذه
الاقسام –ويقصد الانثروبولوجيا واختصاصاتها- فلم يبق لها وجود او تأثير في
الحياة، ولكن اقول له كلمة واحدة، لها دلالة في معناها، قصير دالتها:
"المستقبل لما يُقبل" هكذا وفقط..... "وليعلم اينا المرين على
قلبه"..........

وأرجو ان لا يفهم كلامي هذا في التطاول على اخوتي
الاجتماعيين او التقليل من اهمية بحوثهم او دراساتهم، كما اني لا اعمم
فكرتي هذه او قناعاتي على كل الباحثين..... وعلى الرغم من كل ذلك اقدم
اعتذاراتي المسبقة اليهم.....

ان وسيلة الاستمارة تعمل على صناعة
"ضياع ابستمولوجي" للباحث الاجتماعي، وتجعله في دوامة، حائراً، تائهاً،
يدور ويدور، معلقاً على كفتيه تنظيره والواقع، كما انا لها –وفي جانب
مؤثر- تبريراتها الاخلاقية غير المجدية، او لنقل صناعة اخلاقية هي من عمل
الباحث، اذ يعمد دارسنا "حفظه الله" في احايين كثيرة الى مطابقة ما يجده
منسجماً مع اهوائه وتطلعاته "غير العلمية" سوى ان ما يريد اثباته لا بدّ
ان يتماثل بالضرورة مع ما أراد فرضه كموضوع لمشكلة يحاول تحقيقها عن طريق
التلاقي المصطنع في اثبات فرضيته مع ما هو موجود واقعاً........

وهذه
ظاهرة "هزلية" عند اولئك الذين تستهويهم مرابع البحوث الاكاديمية القائمة
على أساس استمارة الاستبيان او من خلال اقامة فروض، فبعد ان يجهد الباحث
نفسه في كتابة رسالته او اطروحته التي قد تتجاوز احيانا 400 صفحة، يعمد
منهجياً الى اعتماد النتائج التي يحصل عليها عن طريق المعلومات الميدانية،
وفي خطوة منه، يقوم بترتيب نتائج ضخمة لما انتشله من بيانات أدلى بها
المبحوثون –بغض النظر عن صدق هؤلاء المبحوثين او كذبهم- المهم عنده انه
نجح في توزيع استمارته وإدراج المبحوثين في التجاوب معه........

بعد
ذلك تتجلى حيرة الباحث لو كانت حصيلة معلوماته وبياناته تتناقض مع مشكلة
بحثه او فروضه العلمية، هنا الباحث الاجتماعي عندما يتناول مشكلة بالدراسة
والتحليل فهو لا يعتقد بوجودها على صعيد الحياة الاجتماعية، اذن هي مجرد
تأطير نظري ينبري لإثباته من خلال دراستنا وبحثنا هذا، ولذلك يقع الباحث
في مطبات غير مسؤولة، فاشلة، لو كان جميع ما فرضه ضمن التأصيلات النظرية
لا يتطابق تماماً مع التواجدية الواقعية، او بتعبير الباحثين الاجتماعيين
انفسهم: "نرفض فرضية البحث ونقبل الفرضية الصفرية".....

ولا يكاد
الباحث الاجتماعي يمل من هذه السيمفونية التي تغطي كامل المجال الميداني
لموضوع دراسته، وهي طريقة "مزيّفة" و"زائفة"، وان تعميم نتائج بحثه ضمن
هذه التراتبية يحمل تبعاته المصيرية الفاشلة..... ولو تمادينا –قليلا- في
استحصال النتائج، وقلنا: ان جميع ما توصلنا اليه يثبت قولنا بـ"نرفض فرضية
البحث ونقبل الفرضية الصفرية"، ماذا سيكون موقف باحثنا المسكين هذا؟ لو ان
جميع ما فرضه جاء مخالفاً لما توصلت اليه الدراسة الميدانية، ما هي
الاجراءات العملية التي علينا اتخاذها في هذه الحالة؟..........

وهذه
مسألة ممكنة، ولكن الغريب –اخوتي- انه والى هذه اللحظة لم نسمع او نقرأ
انّ باحثاً اجتماعياً حدثت معه هذه الحالة العلمية واعاد كتابة رسالته
مثلاً، "وأنّى له ذلك".... بل ان الباحث نفسه سوف لن يقبل عن ذلك؛ وفي
محاولة منه، سيعمد –بالطبع- الى تغيير بعض النتائج الميدانية لكي تنسجم مع
ما فرضه من تساؤلات في مرحلة البحث النظري .........
ولا يستغرب احدنا
من وجود هؤلاء الباحثين المزيفين، فهم ينتشرون في مؤسساتنا كالسرطان،
ويعلّمون اخواننا من طلبة وباحثين ممارساتهم الاخلاقية الوضيعة تلك....

وربما
أكثر الاخطار الناجمة عن استخدام الوسيلة هذه تكمن في تحديد الباحث لحجم
عينته في المجتمع المدروس، انها نقطة الضعف التي تلاحق دراسته، فالباحث
هنا مطالب باختيار "نموذج/عينة" من مجتمع البحث، فهو لا يستطيع –مثلاً- من
اختيار المجتمع كله عينةً لبحثه، فهذا شيء مستحيل، وخاصة اذا كان عدد
افراده يتجاوز الملايين من البشر، وبذلك يعمد الباحثون الاجتماعيون وحسب
قوانين يعرفونها رياضياً الى تشخيص حجم العينة المطلوبة للدراسة، فمثلاً
من مجتمع عدد افراده مليون قد تكون العينة المحددة لا تتجاوز (100-150)
وحدة "فرد/اسرة"، تصور اخي الباحث الكريم هذه الطريقة في البحث، وما تفضي
اليه من نتائج يحاولون تعميمها على حياة المجتمع ككل .........

ان
ما تم اثباته قد ينطبق –جدلاً- على النموذج المختار لا غير، ولكن لا يمكن
-علمياً- تعميمه على النماذج الاخرى او الانماط البنائية التي تعيش في
فضاءات الحياة الاجتماعية....... ان النتائج المترتبة على ذلك النموذج هي
حالة خاصة بهذا النموذج نفسه، وهي نتائج في كل الاحوال نسبية حتى وفقاً
لذلك النموذج المختار، أي العينة التي تم اختيارها، فقد لا يتفق الافراد
"المبحوثون" على رأي محدد فتكون نسبة كبيرة منهم –مثلاً- اختارت فئة "أ"،
والقليل منهم وقع اختيارهم على "ب"، هنا الباحث يقوم بتجريد نتائجه على ما
افادت به أكبر نسبة مدروسة من المبحوثين، فهي اذن –تحصيل النتائج
المفترضة- مسألة في حد ذاتها نسبية في نموذجها المختار او المحدد، فكيف
والحال هذا تعميم النتائج على المجتمع او الجماعة الاجتماعية ذات النموذج
المأخوذ؟.....

ومن ثمّ فأن طريقة أخذ عينة ربما قد استعارها
الاجتماعيون من طرائق التحليل الطبي في المختبرات العلمية، وهي محاكاة
للطريقة التي ينتهجها الباحثون الاجتماعيون، ولكن قد غاب عن هؤلاء انهم
يتعاملون مع مخلوقات من نفس النوع، وهذا في واقعه يضعف من احتمالية الحصول
على نتائج دقيقة.......

وقد وجه المفكر الاجتماعي الفرنسي
"جيروفيتش" انتقادات حادة للمناهج الاحصائية والرياضيات واستخدامها في
مجال العلوم الاجتماعية، وتنبه كذلك "ليفي ستروس" الى مخاطر هذا
المنهج........ ويرى "جيروفيتش" ان ما يصح على الانماط لا يصح على المجتمع
العياني، وان ما هو على صعيد المعاينة قد لا يصح على صعيد التحليل
البنياني.........

وفيما يخص علم الاجتماع -مثلا- أدت خصوصية
الواقعة الاجتماعية وتعقد صيرورة تطوراتها بالباحثين إلى مواجهة عدة
صعوبات عند التعامل مع بعض المفاهيم والقضايا المحورية مثل :مفهوم
السببية، ومفهوم الحتمية، ومفهوم القانون، بالإضافة إلى مشكلات خاصة أخرى
مثل ما يتعلق بمسألة تعميم النتائج وإلى غير ذلك من الأمور التي تكشف عن
صعوبة التحليل والتفسير في هذا الميدان.

وحسب جورفيتش، فإنّ الأزمة
العامة الناجمة عن الصياغات الجامدة لمسألة الحتمية تتغافل هذه الصياغات
في مجملها وبذلك تتعدّد أشكال الحتمية وتتنوّع صورها أو إجراءات
إدراكها...... ولذلك سعى " كارل بوبر" إلى التفريق بين "القوانين"
و"الاتجاهات"، بعد أن انتقد قوانين التطور الاجتماعي واستبعد أن يفسّر
التغير الاجتماعي في ضوء قوانين عامة. فهو يؤكد على إمكانية صياغة قوانين
عامة من النوع التالي : "حينما توجد الظروف (س) فإننا نتوقع أن يصاحبها
الاتجاه (ص)"... ومن جهته أشار "جيرفيتش" إلى أن القوانين السببية أو
الوظيفية أو التطورية غير ممكنة التطبيق على الأطر الاجتماعية، كما أن
القوانين الإحصائية والاحتمالات لا تضيف شيئاً للتفسير، وهو يطرح مفهوما
مغايرا وبديلا لمفهوم القانون، حيث يرى بأن الباحث في هذه العلوم لا يمكن
أن يكشف سوى عن "الانتظاميات التكرارية " وهو المفهوم الذي يشير إلـى
اتجاه المجموعات نحو بعض الاتجاهات، المحددة إلى حد ما، من دون أن تكون
أكيدة من حيث الوقوع.

ولهذا فإن استخدام هذه الوسيلة، يشأ الاختيار ضمن طريقين:
الأول:
أما ان يعمد الباحث الى تجاوز ظاهرة التخصيص في اختيار "عينة او نموذج"
محدد، وان يشمل اختياره المجتمع برمته مهما كان حجمه (عدد افراده)، وهي
طريقة شائكة وصعبة للغاية، وربما تكون مستحيلة، وخصوصا اذا تجاوز عدد
افراده عشرات الالاف او حتى الملايين !!!....

والثاني: عزوف الباحث
عن استخدام هذه الوسيلة، وهو موقف سليم، واعتقد بضرورة اتخاذه بعد استحالة
اختيار الطريق الأول، وان يروم الى استخدام ادوات اخرى ميدانية أكثر
واقعية (عملية)، واقصد بذلك الوسائل والاساليب الميدانية التي يعتمدها
الانثروبولوجيون في دراساتهم .........
avatar
ابراهيم الساعدي

ذكر عدد الرسائل : 53
العمر : 34
الدولة : www.anthro.ahlamontada.net
تاريخ التسجيل : 30/05/2008

http://www.anthro.ahlamontada.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى