مع عبد الرحمن بن خلدون فى ذكرى رحيله – 1
صفحة 1 من اصل 1
مع عبد الرحمن بن خلدون فى ذكرى رحيله – 1
مع عبد الرحمن بن خلدون
فى ذكرى رحيله – 1
دكتور حسني إبراهيم عبد العظيم
عضو هيئة التدريس - قسم علم الاجتماع
كلية الآداب - جامعة بني سويف
جمهورية مصر العربية[
/b]فى ذكرى رحيله – 1
دكتور حسني إبراهيم عبد العظيم
عضو هيئة التدريس - قسم علم الاجتماع
كلية الآداب - جامعة بني سويف
جمهورية مصر العربية[
[b] في مثل هذا اليوم 19 من مارس من عام 1406 ميلادية، الموافق ليوم الجمعة 28 من شهر رمضان عام 808 هجرية، وفي مدينة القاهرة، رحل عن عالمنا أبو زيد ولي الدين عبد الرحمن بن خلدون، تاركا وراءه ميراثا علميا ضخما - وتاركا أيضا جدلا لم ينته بعد - حول دوره في تأسيس العديد من العلوم والمعارف الإنسانية، كعلم التاريخ وفلسفة التاريخ وعلم الاجتماع.
وفي ذكرى رحيله نقدم سلسلة من المقالات حول حياة ابن خلدون، والبيئة الاجتماعية والسياسية والفكرية التي عاش في سياقها، ثم نتناول دوره في تأسيس علم الاجتماع، وصياغة بنيته النظرية والمنهجية، ثم نعرض لأهم الانتقادات التي وجهت إليه.
مقدمة :
لم تنشـأ نظرية علم الاجتماع المعاصرة من فراغ, وإنما تبلورت نتيجة الجهود الفكرية المتراكمة التي بذلها المفكــرون في فترات زمنية متباينة, وفي نظم فكرية متعددة كالفلسـفة والتاريخ وعلم النفس وعلم الاقتصاد, وبعض العلوم الطبيعية وخاصة علم الأحياء.
وقد درج معظم مؤرخي النظرية السوسيولوجية في الغرب علي التأريخ لبدء الفكر السوسيولوجي المنظم بالعالم الفرنسي " أوجست كونت" A. Comte (1798 – 1857) ويبدو لي أن تلك مغالطة علمية واضحة، تعكس إما تحيزاً أيديولوجيا للفكر الغربي, وإما جهلا – أو تجاهلا – بالتراث العربي الذي أثرى الفكر الإنساني لفترات طويلة.
والواقع أننا نرى مع كثيرين أن البداية الحقيقية لعلم الاجتماع كانت في القرن الرابع عشر الميلادي - الثامن الهجري - علي يد العلامة عبد الرحمن بن خلدون, وتلك الحقيقة لم يقررها أغلب الباحثين العرب فقط، وإنما اعترف بها العديد من كبار المفكرين وعلماء الاجتماع في الغرب من أمثال أرنولد توينبي، وروبرت فلنت، وستيفانو كولوزيو، و"بيترم سروكن" B. Sorokin" وهيوارد بيكر" H. Becker "وجاستون بوتول" G. Botolle وغيرهم.
فعلى سبيل المثال نشر استيفانو كولوزيو Stefano Colosio سنة ١٩١٤ دراسة عن ابن خلدون بعنوان إسهام في دراسة ابن خلدون بمجلة العالم الإسلامي التي تصدر في باريس باللغة الفرنسية جاء فيها: ليس لأحد أن ينكر أن ابن خلدون اكتشف مناطق مجهولة في علم الاجتماع. لقد سبق مكيافيللي ومونتسكيو وفيكو إلى وضع علم جديد هو النقد التاريخي. إن مبدأ الحتمية الاجتماعية يعود تقريره إلى ابن خلدون قبل رجال الفلسفة الوضعية وعلماء النفس بقرون طويلة، لقد اكتشف المؤرخ المغربي العظيم مبادئ العدالة الاجتماعية والاقتصاد السياسي قبل ماركس وباكونين بخمسة قرون. وإذا كانت نظريات ابن خلدون في حياة المجتمع المعقدة تضعه في مقدمة فلاسفة التاريخ، فإن ما يعزوه من شأن كبير إلى دور العمل والملكية والأجرة تجعله إماماً وسلفاً لاقتصاديي هذا العصر.(جميل صليبا561:1989).
ويقول الفرنسي (دي بور) في كتابه تاريخ الفلسفة في الإسلام: في مقدمة ابن خلدون كثير من الملاحظات النفسية والسياسية الدقيقة، وهي في جملتهاعمل عظيم مبتكر. أن ابن خلدون أول من حاول أن يربط بين تطور الاجتماع الإنساني وبين علله القريبة مع حسن الإدراك لمسائل البحث وتقريرها مؤيدة بالأدلة المقنعة، وهو يرى أن للمدينة وللعمران البشري قوانين ثابتة يسير عليهاكل منهما في تطوره. (جميل صليبا562:1989).
ويقول المؤرخ البريطاني الكبير أرنولد توينبي A. Toynbee في كتابه الأشهر دراسة التاريخ A study of History لقد أدرك ابن خلدون في المقدمة التي كتبها لتاريخه العام وتصور وأنشأ فلسفة التاريخ، وهي بلا شك أعظم عمل من نوعه خلقه أي عقل في أي زمان ومكان). (زينب الخضيري11:1989)
ويذكر (ناتانيل سميث) في كتابه (ابن خلدون: مؤرخ وعالم اجتماع وفيلسوف) أن ابن خلدون كشف عن ميدان التاريخ الحقيقي وطبيعته، وأنه فيلسوف مثل أوجست كونت، وتوماس بكلي، وهربرت سبنسر، وصل في علم الاجتماع إلى حدود لم يصل إليها كونت نفسه في النصف الأول من القرن التاسع عشر. ويقول (فارد) في كتابه علم الاجتماع النظري: (كانوا يظنون أن أول من قال بخضوع الحياة الاجتماعية لمبدأ الحتمية هو مونتسكيو أو فيكو، في حين أن ابن خلدون وهو من رجال القرن الرابع عشر، كان قد قال بذلك قبلهما بمدة طويلة. (جميل صليبا562:1989).
ويقول العالم الإنجليزي (روبرت فلنت) R. Flint أدق من أرخ لفلسفة التاريخ في كتابه (تاريخ فلسفة التاريخ) History of the philosophy of history من وجهة نظر علم التاريخ أو فلسفة التاريخ يتحلى التراث العربي باسم من ألمع الأسماء، فلا العالم الكلاسيكي في القرون القديمة، ولا العالم المسيحي في القرون الوسطى يستطيع أن يقدم إسما يضاهي ذلك الاسم في تلألئه، كان رجلا منقطع النظير بين أهل دينه ومعاصريه في موضوع الفلسفة التاريخية كما كان (دانتي) في الشعر، و(بيكون) في العلم بين أهل ينيهما ومعاصريهما، كل من يقرأ المقدمة لابد أن يعترف بأن حق ابن خلدون في ادعاء ذلك الشرف شرف التسمية باسم مؤسس علم التاريخ وفلسفة التاريخ، أقوى وأثبت من حق كل كاتب آخر سبق (فيكو). (زينب الخضيري11:1989)
والحقيقة أنني لن أستطرد طويلا في الاستشهاد بماكتبه علماء الغرب حول ابن خلدون، لكنني سأبدا مباشرة في الحديث عما قدمه ابن خلدون، وسأبدأ بالحديث عن سيرته الذاتية. فمن هو عبد الرحمن بن خلدون؟ هذا ما سنبدأ به مقالنا التالي إن شاء الله.
حسني إبراهيم عبد العظيم- عضو مميز
- عدد الرسائل : 14
العمر : 54
تاريخ التسجيل : 06/07/2011
مواضيع مماثلة
» ابن خلدون وعلم الفلكلور
» ابن خلدون والتفكير الاقتصادي
» قراءة في مقدمة أبن خلدون
» الرأسمال الرمزي لاسم ابن خلدون
» ابن خلدون والتفكير الاقتصادي
» قراءة في مقدمة أبن خلدون
» الرأسمال الرمزي لاسم ابن خلدون
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى