إنتاج الرحالة المسلمون كمادة خام للبحث الانثروبولوجي
3 مشترك
منتدى آفاق الفلسفة و السوسيولوجيا و الأنثروبولوجيا :: منتدى الانثروبولوجيا :: منتدى الانثروبولوجيا ANTHROPOLOGIE
صفحة 1 من اصل 1
إنتاج الرحالة المسلمون كمادة خام للبحث الانثروبولوجي
مقدمــة
من المؤكد ان وصول الرحالة المسلمين الى الشرق الاقصى وبخاصة الى الهند والصين وبأمكانات متواضعة، يعتبر فتحا حضاريا كبيرا يمكن ان نلتمس جوانبه المضيئة في الكثير من مدوناتهم التي خلفوها في هذا المجال على الرغم من ان طلائع الرواد والرحالة كان يعوزهم الاستعداد للتأمل العلمي، قد دونوا كثيرا من الملاحظات المفيدة من الناحية العلمية، اما تلك الفئة من الرحالة الذين ترتبط اسماؤهم بالمنجزات في ميادين الجغرافية وعلم الانواء فقد جاؤا فيما بعد، أي منذ النصف الثاني للقرن الثالث الهجري وخلال القرن الرابع وهؤلاء هم الذين اكملوا نظريات ومعارف اليونان والرومان وزودوا العلم بتقارير واسعة مفصلة ذات طبيعة موسوعية ،
فكثيرا من منجزات المسلمين في حقول الحضارة والثقافة والاداب والفنون ذات علاقة مباشرة بحمية المسلمين في نشر دينهم في كل بقعة يستطيعون الوصول اليها بأعتبار ذلك جزءا من رسالة الاسلام في ان يغدوا دينا للبشرية جمعاء، وهذا النشاط بحد ذاته دفع بالكثير من المسلمين، تجارا وعلماء وفقهاء ورحالة وبحارة الى ان يسيحوا في دنيا الله الواسعة وفي اذهانهم هدف نشر الدعوة الاسلامية، كما ان هذه المنجزات ارتبطت بهدف ثان هو النشاط التجاري والاقتصادي الذي صاحب توسع الدولة الاسلامية وامتدادها الى اقاليم شاسعة شرقا وغربا وشمالا وجنوبا
وفي الاثار الكثيرة من المؤلفات الخاصة بالرحلات والجغرافية نجد وصفا مسهبا للطريق الذي سلكه مؤلفو هذه التصانيف برا وبحرا وللمدن والاقاليم والجزر التي مروا بها وللاجناس البشرية التي تعرفوا عليها وللعادات الاجتماعية والعقائد والاطعمة والاشربة والالبسة ولطرز البناء والعمارة وللنظم الاقتصادية وطرق التعامل والتبادل التجاري وبأختصار لكل صغيرة وكبيرة في تلك البلدان التي رحلوا اليها، وقد كانت تلك الرحلات مبنية أساسا على الدراسة الو صفية أي المونوغرافية التي تعتبر جزء لا يتجزأ من الأنثروبولوجية ،و هذا ان دل على شيء فهو يدل على أن الاكتشاف المبكر للأنثروبولوجيا من قبل العرب و المسلمين
واذا ما استحضرنا طلائع تلك الرحلات فسنجد ان من بواكيرها رحلة سليمان التاجر الى الصين، ويعود تاريخها الى عام "237 هجرية/ 851 ميلادية" ونحن لا نعرف شيئا كثيرا عن حياة هذا الرجل لكننا نعرف انه مر بالصين عدة مرات لغرض التجارة، وبعد ذلك بعشرين عاما تعرفنا على رحالة آخر هو ابن وهب القرشي الذي ترك البصرة بعد ان احتلها الزنج "257 للهجرة/ 780 للميلاد" ووصل الى مدينة "خانقو" الصينية أي "كانتون" كما تسمى الان، وفي القرن الرابع الهجري "العاشر الميلادي" دون حكايات سليمان وابن وهب مؤلف اخر هوابو زيد الحسن من اهل البصرة واعطاها شكلها المعروف في الوقت الحاضر
يصف التاجر سليمان الطريق البحري الى الشرق الاقصى بصورة علمية ودقيقة مكنت عالم الجغرافية الغربي "فران" من ان يتبعه على الخرائط الحديثة منذ ان ابحر من "سيراف" الى ساحل "مليبار" ومر بمضيق "تالك" الواقع شمال سيلان وعبر خليج البنغال ومنه الى جزيرة "تبو" جنوب غرب "ملقا" ومنها الى رأس القديس يعقوب قرب "سايغون" ومن هناك الى جزيرة "هاينان" فعبر المضيق الذي يفصلها عن ارض الصين ليصل الى ميناء خانقو "كانتون" على الساحل الصيني، وقد استغرقت هذه الرحلة اكثر من اربعة شهور.
وربما كانت رحلة سليمان التاجر الاثر الاول الذي يتحدث عن سواحل البحر الشرقي الكبير والطريق الملاحي اليها على اساس الخبره الشخصية وبصورة موضوعية، وقد امدت هذه الرحلة ابن الفقيه والاصطخري وابن حوقل والمسعودي بمعلومات كثيرة ضمنوها مؤلفاتهم فيما بعد.
وقد ترك سليمان التاجر وصفا حيا للسواحل والجزر والموانئ والمدن وسكانها والمحاصيل والمنتجات والسلع التجارية، وقد اثبت علماء الصينيات ان معلوماته عن كانتون تفصيلية ودقيقة، ونحن في هذه الرحلة الطريفة والفريدة نقف على وصف لامواج البحر وما فيه من العنبر والودع ووصف جزائره وما تحتويه من المعادن النفيسة وهو يتحدث عن مراسيم الزواج وتقاليده في بعض الجزائر النائية وعن طعام السكان وعاداتهم الغريبة، ويقول سليمان في وصف خانقو "كانتون" ان متوليها كان رجلا مسلما يسند اليه صاحب الصين "الامبراطور" مهمة الحكم بين المسلمين الذين يقصدون تلك الجهات وهو الذي يصلي فيهم ويخطب، ووصف لنا الجاليات الاسلامية والمساجد التي سمح لهم ببنائها لأقامة شعائرهم الدينية وتحدث عن اهل الصين فأدرج بعض المعلومات الدقيقة ذات القيمة العلمية الأنثروبولوجية .
وفي الاثار الكثيرة من المؤلفات الخاصة بالرحلات والجغرافية نجد وصفا مسهبا للطريق الذي سلكه مؤلفو هذه التصانيف برا وبحرا وللمدن والاقاليم والجزر التي مروا بها وللاجناس البشرية التي تعرفوا عليها وللعادات الاجتماعية والعقائد والاطعمة والاشربة والالبسة ولطرز البناء والعمارة وللنظم الاقتصادية وطرق التعامل والتبادل التجاري وبأختصار لكل صغيرة وكبيرة في تلك البلدان التي رحلوا اليها، وقد كانت تلك الرحلات مبنية أساسا على الدراسة الو صفية أي المونوغرافية التي تعتبر جزء لا يتجزأ من الأنثروبولوجية ،و هذا ان دل على شيء فهو يدل على أن الاكتشاف المبكر للأنثروبولوجيا من قبل العرب و المسلمين
واذا ما استحضرنا طلائع تلك الرحلات فسنجد ان من بواكيرها رحلة سليمان التاجر الى الصين، ويعود تاريخها الى عام "237 هجرية/ 851 ميلادية" ونحن لا نعرف شيئا كثيرا عن حياة هذا الرجل لكننا نعرف انه مر بالصين عدة مرات لغرض التجارة، وبعد ذلك بعشرين عاما تعرفنا على رحالة آخر هو ابن وهب القرشي الذي ترك البصرة بعد ان احتلها الزنج "257 للهجرة/ 780 للميلاد" ووصل الى مدينة "خانقو" الصينية أي "كانتون" كما تسمى الان، وفي القرن الرابع الهجري "العاشر الميلادي" دون حكايات سليمان وابن وهب مؤلف اخر هوابو زيد الحسن من اهل البصرة واعطاها شكلها المعروف في الوقت الحاضر
يصف التاجر سليمان الطريق البحري الى الشرق الاقصى بصورة علمية ودقيقة مكنت عالم الجغرافية الغربي "فران" من ان يتبعه على الخرائط الحديثة منذ ان ابحر من "سيراف" الى ساحل "مليبار" ومر بمضيق "تالك" الواقع شمال سيلان وعبر خليج البنغال ومنه الى جزيرة "تبو" جنوب غرب "ملقا" ومنها الى رأس القديس يعقوب قرب "سايغون" ومن هناك الى جزيرة "هاينان" فعبر المضيق الذي يفصلها عن ارض الصين ليصل الى ميناء خانقو "كانتون" على الساحل الصيني، وقد استغرقت هذه الرحلة اكثر من اربعة شهور.
وربما كانت رحلة سليمان التاجر الاثر الاول الذي يتحدث عن سواحل البحر الشرقي الكبير والطريق الملاحي اليها على اساس الخبره الشخصية وبصورة موضوعية، وقد امدت هذه الرحلة ابن الفقيه والاصطخري وابن حوقل والمسعودي بمعلومات كثيرة ضمنوها مؤلفاتهم فيما بعد.
وقد ترك سليمان التاجر وصفا حيا للسواحل والجزر والموانئ والمدن وسكانها والمحاصيل والمنتجات والسلع التجارية، وقد اثبت علماء الصينيات ان معلوماته عن كانتون تفصيلية ودقيقة، ونحن في هذه الرحلة الطريفة والفريدة نقف على وصف لامواج البحر وما فيه من العنبر والودع ووصف جزائره وما تحتويه من المعادن النفيسة وهو يتحدث عن مراسيم الزواج وتقاليده في بعض الجزائر النائية وعن طعام السكان وعاداتهم الغريبة، ويقول سليمان في وصف خانقو "كانتون" ان متوليها كان رجلا مسلما يسند اليه صاحب الصين "الامبراطور" مهمة الحكم بين المسلمين الذين يقصدون تلك الجهات وهو الذي يصلي فيهم ويخطب، ووصف لنا الجاليات الاسلامية والمساجد التي سمح لهم ببنائها لأقامة شعائرهم الدينية وتحدث عن اهل الصين فأدرج بعض المعلومات الدقيقة ذات القيمة العلمية الأنثروبولوجية .
مشاهير الرحّالة المسلمين ومؤلّفاتهم:
ومن مشاهير الرحّالة المسلمين: شهاب الدين ياقوت الحموي صاحب موسوعة (معجم البلدان)، واحتوى كتاب رحلته على جميع معارف القرون الوسطى عن الكرة الأرضيّة بما فيها تراجم مشاهير البلدان، وإحداثيّات المدن، وتاريخها.
وأبو الحسن المسعودي: صاحب (مروج الذهب ومعادن الجوهر) الذي وصل برحلته إلى الصين ، وإلى سواحل أفريقيا الشرقيّة، وتقصّى فيها مصادر الاطّلاع بالوصف والتعليل.
ومحمد بن عبد الله اللواتي الطنجي المشهور بابن بطوطة: صاحب (تحفة النظّار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار) الذي زار بلاد العرب، والهند، وجزيرة سيلان، والصين، والقسطنطينيّة، وعدداً من البلاد الأفريقيّة.
وأبو الريحان البيروني صاحب (الآثار الباقية من القرون الخالية) الذي وصف الهند وصفاً دقيقاً.
والرحّالة المراكشي الحسن بن محمد الوزاني الشهير بجان ليون الإفريقي، الذي وصف إفريقيا وصفاً دقيقاً في كتابه (وصف إفريقيا).
والرحّالة أبي دلف الخزرجي: الذي وصف بلاد تركستان والصين والتبت والهند وسجستان.
والرحّالة ابن جبير الأندلسي: الذي رحل إلى المشرق ثلاث رحلات، استغرقت إحداها ثلاث سنوات.
والرحّالة إبراهيم بن يعقوب الأندلسي: الذي وصف ألمانيا وأوروبا الوسطى.
وابن رشيد السبتي صاحب (ملء العيبة فيما جمع بطول الغيبة في الرحلة إلى مكة وطيبة).
وأبو عبد الله محمد بن أحمد القياسي الملقب بابن مليح صاحب (أنس الساري والسارب من أقطار المغارب إلى منتهى الآجال والمآرب سيّد الأعاجم والأعارب).
ومحمد بن الطيّب الفاسي الملقب بابن كسيران: صاحب كتاب (الرحلة الفاسيّة الممزوجة بالمناسك المالكيّة).
وعبد المجيد بن علي الحسني صاحب كتاب (بلوغ المرام بالرحلة إلى البيت الحرام).
وأبو عبد الله محمد بن محمد العبدري: صاحب (الرحلة المغربيّة) أو(رحلة العبدري).
ومحمد بن عبد السلام الدرعي: صاحب كتاب (رحلة ابن عبد السلام) المشهورة (بالرحلة الناصريّة) تحدّث فيهما عن رحلتي حجه الأولى والثانية، وسمّاهما الكبرى والصغرى.
وخالد بن عيسى بن أحمد البلوي: صاحب (تاج المفرق في تجلية علماء المشرق) تحدّث فيه عن أخبار رحلته إلى الديار المقدّسة.
وابن سعيد المغربي: صاحب (النفحة المسكيّة في الرحلة المكيّة).
وخير ما ألّفه الأندلسيّون من كتب في هذا الباب كتاب (المغرب في حلي المغرب) لأبي الحسن علي بن موسى، وصف فيه بلاد المشرق والمغرب، وكتاب (نفاضة الجراب في علالة الاغتراب) لابن الخطيب، وصف فيه المغرب وآثاره، ومساجده، ومدارسه، ولقي فيه الصالحين ؛ وكما تخصّص البيروني بالهند تخصص أحمد الهمذاني بجزيرة العرب فكتب (صفة جزيرة العرب) وكتب ابن فضلان عن تركيّا وأجزاء من روسيا، وخاصّة منطقة نهر الفولغا.
ومن مشاهير الرحّالة المسلمين: شهاب الدين ياقوت الحموي صاحب موسوعة (معجم البلدان)، واحتوى كتاب رحلته على جميع معارف القرون الوسطى عن الكرة الأرضيّة بما فيها تراجم مشاهير البلدان، وإحداثيّات المدن، وتاريخها.
وأبو الحسن المسعودي: صاحب (مروج الذهب ومعادن الجوهر) الذي وصل برحلته إلى الصين ، وإلى سواحل أفريقيا الشرقيّة، وتقصّى فيها مصادر الاطّلاع بالوصف والتعليل.
ومحمد بن عبد الله اللواتي الطنجي المشهور بابن بطوطة: صاحب (تحفة النظّار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار) الذي زار بلاد العرب، والهند، وجزيرة سيلان، والصين، والقسطنطينيّة، وعدداً من البلاد الأفريقيّة.
وأبو الريحان البيروني صاحب (الآثار الباقية من القرون الخالية) الذي وصف الهند وصفاً دقيقاً.
والرحّالة المراكشي الحسن بن محمد الوزاني الشهير بجان ليون الإفريقي، الذي وصف إفريقيا وصفاً دقيقاً في كتابه (وصف إفريقيا).
والرحّالة أبي دلف الخزرجي: الذي وصف بلاد تركستان والصين والتبت والهند وسجستان.
والرحّالة ابن جبير الأندلسي: الذي رحل إلى المشرق ثلاث رحلات، استغرقت إحداها ثلاث سنوات.
والرحّالة إبراهيم بن يعقوب الأندلسي: الذي وصف ألمانيا وأوروبا الوسطى.
وابن رشيد السبتي صاحب (ملء العيبة فيما جمع بطول الغيبة في الرحلة إلى مكة وطيبة).
وأبو عبد الله محمد بن أحمد القياسي الملقب بابن مليح صاحب (أنس الساري والسارب من أقطار المغارب إلى منتهى الآجال والمآرب سيّد الأعاجم والأعارب).
ومحمد بن الطيّب الفاسي الملقب بابن كسيران: صاحب كتاب (الرحلة الفاسيّة الممزوجة بالمناسك المالكيّة).
وعبد المجيد بن علي الحسني صاحب كتاب (بلوغ المرام بالرحلة إلى البيت الحرام).
وأبو عبد الله محمد بن محمد العبدري: صاحب (الرحلة المغربيّة) أو(رحلة العبدري).
ومحمد بن عبد السلام الدرعي: صاحب كتاب (رحلة ابن عبد السلام) المشهورة (بالرحلة الناصريّة) تحدّث فيهما عن رحلتي حجه الأولى والثانية، وسمّاهما الكبرى والصغرى.
وخالد بن عيسى بن أحمد البلوي: صاحب (تاج المفرق في تجلية علماء المشرق) تحدّث فيه عن أخبار رحلته إلى الديار المقدّسة.
وابن سعيد المغربي: صاحب (النفحة المسكيّة في الرحلة المكيّة).
وخير ما ألّفه الأندلسيّون من كتب في هذا الباب كتاب (المغرب في حلي المغرب) لأبي الحسن علي بن موسى، وصف فيه بلاد المشرق والمغرب، وكتاب (نفاضة الجراب في علالة الاغتراب) لابن الخطيب، وصف فيه المغرب وآثاره، ومساجده، ومدارسه، ولقي فيه الصالحين ؛ وكما تخصّص البيروني بالهند تخصص أحمد الهمذاني بجزيرة العرب فكتب (صفة جزيرة العرب) وكتب ابن فضلان عن تركيّا وأجزاء من روسيا، وخاصّة منطقة نهر الفولغا.
مشاهير الرحالة المؤرّخين:
ومن مشاهير الرحالة المؤرّخين: موفق الدين البغدادي: صاحب كتاب (الإفادة والاعتبار في الأمور المشاهدة والحوادث المعاينة بأرض مصر ).
ومحمد بن محمد التامراوي: صاحب كتاب (رحلة التامراوي).
والقاسم بن يوسف التجيبي صاحب كتاب (مستفاد الرحلة والاغتراب).
وإدريس بن عبد الهادي العلوي: صاحب كتاب (رحلة إدريس العلوي).
وعلي بن محمد القرشي القلصادي: صاحب كتاب (رحلة القلصادي).
وأحمد بن محمد الهشتوكي صاحب كتاب (رحلة الهشتوكي).
وعبد الله بن محمد العياشي صاحب الرحلة المشهورة (ماء الموائد) أو (رحلة العياشي).
ومن مشاهير الرحالة المؤرّخين: موفق الدين البغدادي: صاحب كتاب (الإفادة والاعتبار في الأمور المشاهدة والحوادث المعاينة بأرض مصر ).
ومحمد بن محمد التامراوي: صاحب كتاب (رحلة التامراوي).
والقاسم بن يوسف التجيبي صاحب كتاب (مستفاد الرحلة والاغتراب).
وإدريس بن عبد الهادي العلوي: صاحب كتاب (رحلة إدريس العلوي).
وعلي بن محمد القرشي القلصادي: صاحب كتاب (رحلة القلصادي).
وأحمد بن محمد الهشتوكي صاحب كتاب (رحلة الهشتوكي).
وعبد الله بن محمد العياشي صاحب الرحلة المشهورة (ماء الموائد) أو (رحلة العياشي).
مشاهير الرحالة المصنّفين:
ومن مشاهير الرحالة المصنّفين المحدّثين: علاّمة الحجاز الشيخ حمد الجاسر صاحب الرحلات المشهورة، وملخّص رحلتي ابن عبد السلام الدرعي المغربي .
وعلي مبارك صاحب (الخطط التوفيقيّة الجديدة لمصر والقاهرة ومدنها وبلادها القديمة والشهيرة).
ومن مشاهير الرحالة المصنّفين المحدّثين: علاّمة الحجاز الشيخ حمد الجاسر صاحب الرحلات المشهورة، وملخّص رحلتي ابن عبد السلام الدرعي المغربي .
وعلي مبارك صاحب (الخطط التوفيقيّة الجديدة لمصر والقاهرة ومدنها وبلادها القديمة والشهيرة).
الاكتشافات المبكّرة :
وقبل أن يبادر المسلمون بركوب البحر في رحلة البحث عن العالم الجديد، فإنهم تخيّلوا وجود هذا العالم المجهول، فقال الشيخ محي الدين بن عربي: إن وراء المحيط أمماً من بني آدم وعمراناً.
ونقل ابن خلدون عن ابن رشد الثاني في المقدّمة قوله: أما ما وراء خط الاستواء في الجنوب بمثابة ما وراءه في الشمال.
وممن تخيّلا وجود أمريكا ومهّدا السبيل للبّحار الجنوي (كريستوف كولومبس ) أبو الثناء محمود الأصفهاني ، وقطب الدين الشيرازي.
ولم تتوقف تطلّعات البحارة العرب عند حدود العالم القديم، بل مدّوا بأبصارهم خلف المحيطات، وقد أعانهم على ذلك همّة عالية، ونظام سياسي مستقر، وعدل يحفظ حقوق العباد من طغيان الأقوياء.
وتحدثنا كتب التراث عن رحلة الفتى خشخاش البحري، مع جماعة من فتيان قرطبة، من ساحل الأندلس الغربي، حيث توغّلوا في بحر الظلمات، ثم عادوا بغنائم كثيرة.
ويحدّثنا الإدريسي في كتابه (نزهة المشتاق في اختراق الآفاق) أو الكتاب الروجاري، نسبة إلى الملك (روجر ) عن قصة (الإخوة المغرورين) وهم ثمانية رجال كلّهم أبناء عم، ابتنوا مركباً أعدوا فيه الماء والزاد ما يكفيهم لأشهر، ثم دخلوا بحر الظلمات فجروا فيه ثلاثين يوماً، من مدينة لشبونة، (الجزء البحري منها يسمى الحمّة) إلى القارّة الأمريكيّة، في رحلة استغرقت ثلاثين يوماً، ووصلوا إلى جزر (أزورس) ثم إلى جزر الأنتيل (كفاريس) قبل أن يكتشفها (كريستوف كولومبس) بخمسة قرون.
يقول الدكتور عز الدين فرّاج : وإذا لم تكن الرحلة المثيرة التي قام بها الفتية العرب في القرن التاسع الميلادي من ميناء لشبونة غرباً، ووصولهم إلى أرض قيل أنها إحدى جزر الأنتيل، أو أحد موانئ المكسيك، والتي روى تفصيلاتها الشريف الإدريسي في كتابه (نزهة المشتاق) قد أثارت مطامع الملاّحين الأوروبيين، في احتزاء حذوهم، حتى جرؤ (كريستوف كولمبس) على الإقدام على تلك المغامرة بعد ذلك بنحو خمسة قرون، فحسبنا أنّ عالماً حراً من علماء العرب هو أبو الثناء الأصفهاني قد لفت الأذهان إلى إمكان تحقيق تلك الفكرة.
اكتشاف منابع النيل :
وكشف الرحالة المسلمون في عهد الموحّدين بحيرة (فكتوريا نيانزا) وكان في مقدّمتهم الشريف الإدريسي الذي رسم في إحدى خرائطه المحفوظة في متحف (سان مارتين) بفرنسا، منابع النيل.
ومنهم الأمير المغربي أبو دبوس بن أبي العلي، أحد أمراء بني عبد المؤمن، وآخر سلاطين بر العدوة من بني عبد المؤمن، وكان قد وصل منابع النيل في أيام هربه من بني عبد الحق ملوك بني مرّين، فسبقوا بذلك المكتشفين: (سبيك) و(جرانت) اللذين اكتشفا البحيرة عام 1862 وسمياها باسم الملكة الإنجليزيّة.
اكتشاف ساحل أفريقيا الغربي:
وقام الرحالة المغربي ابن فاطمة برحلة بحريّة جنوبي مراكش، وتوغّل في كشف الساحل الأفريقي الغربي، فوصل إلى أبعد مما كان معروفاً عند الأوروبيّين حينذاك، وغرقت سفينته في موضع ساحل الذهب، ولعله كتب أخبار هذه الرحلات في كتب لم تصلنا.
وصف الطريق البحري إلى الهند :
ويعود الفضل إلى الملاّح العربي أحمد بن ماجد، في وصف الطريق البحري الموصل إلى الهند، عن طريق رأس الرجاء الصالح، حيث قاد سفن (فاسكودي غاما) البرتغالي من مالندي في شرق أفريقيا، إلى كلكتا في الهند، ومن الجدير بالذكر أنّ ابن ماجد وضع كتيّباً عن الملاحة في البحر الأحمر والخليج العربي، وعن مياه جنوب شرق آسيا.
الوصول إلى الصين :
وسافر إلى الصين عبد الرحمن بن هرون المغربي في زمن الموحّدين، وأقام به وبجزائره مدّة طويلة، حتى صار يعرف بالصيني.
ووصل المسلمون في البر إلى التركستان الروسيّة والصينية وبلاد المغول والصين، وفي البحر إلى شواطئ آسيا الشرقيّة، واكتشفوا جزائر الخالدات (كناريا) غرب شمالي إفريقيا، ومخروا عباب المحيط الأطلنطي إلى مسافات بعيدة، وتجوّلوا بقوافلهم في السودان والصحراء الكبرى حتى بلاد كثيرة في وسط وشرق وغرب وجنوب أفريقيا.
ويصف المستشرق (ستانوود كب) العرب بأنّهم كانوا ملاّحين محنّكين ويقول: ولقد دأبوا على اجتياز المحيط الهندي في جرأة طلباً للتجارة مع الهند والساحل الشرقي لأفريقيا، كما سيطروا على البحر المتوسط طيلة خمسة قرون تقريباً، ولقد سبقوا (كولمبس ) في مغامرات الأطلنطي، ولعلهم قد بلغوا فيه جزر أزورس.
ويخلص (ستانوود كب) إلى نتيجة مفادها: أنّه يمكن للمرء أن يقرّر في اطمئنان أنّه لولا هذه الخبرات الملاحيّة التي ورثها (كولمبس) عن العرب، ولولا إحياء المفهوم الإغريقي عن كروية الأرض الذي أعاده العرب إلى أوروبا لما أقدم (كولمبس) قط على المخاطرة في خوض الأطلنطي أو خطر له مجرد تصوّر فكرة هذه الرحلة.
ولم تكن رحلات المسلمين في الآفاق للنزهة، بل هي رحلات علميّة رأى فيها الرحّالة العرب البلدان ووصفوها، وقابلوا أهلها، وتحدّثوا إليهم، وكتبوا عن حياتهم الاجتماعيّة.
أوّل أطلس جغرافي، وأوّل دليل سفر:
ووضع البلخي كتاب (صور الأقاليم) فكان أوّل أطلس جغرافي، وصنف أبو القاسم بن خرداذبة أوّل دليل سفر، عندما وصف في كتابه (المسالك والممالك) الطريق البحري من مصب دجلة في الخليج العربي حتى موانئ الصين.
أوّل خريطة حائطيّة:
تحدّث الرحّالة العرب عن خريطة المأمون، أو رسم الأرض، ورغم أنهم حفظوا لنا مجموعة من الحقائق عنها، فلا يزال هناك غموض كثير يكتنف طبيعة الأسس التي رسمت عليها، ومنهم المسعودي الذي رآها، حيث يقول: ورأيت هذه الأقاليم مصوّرة في غير كتاب بأنواع الأصباغ، وأحسن ما رأيت من ذلك في كتاب جغرافيا لمارينوس، وتفسير جغرافيا قطع الأرض، وفي الصورة المأمونيّة التي عملت للمأمون، واجتمع على صنعها عدّة من حكماء أهل عصره، صور فيها العالم بأفلاكه ونجومه وبره وبحره وعامره وغامره ومساكن الأمم والمدن وغير ذلك، وهي أحسن مما تقدّمها من جغرافية بطليموس وجغرافيا مارينوس وغيرهما.
وحظي علم الخرائط عند المسلمين بأهميّة بالغة، فرسموا الخرائط البحريّة، التي استخدمها البحارة الأوروبيّون على نطاق واسع لتحديد موقعهم بالنسبة للموانئ والجزر البحريّة، وحساب المسافات التي تفصلهم عنها، وكان رائد هذا الفن، أبو عبد الله محمد بن محمد الإدريسي، الذي وضع بعد رحلة طويلة طاف خلالها الأندلس، وآسيا الصغرى، والقسطنطينيّة، ومصر، وشمال إفريقية، وسواحل فرنسا ، وإنجلترا، للملك النورمندي (رجار الثاني) بجزيرة صقيلية، أقدم خريطة حائطيّّة للعالم المعمّر آنذاك، حدّد فيها التضاريس الجغرافيّة، ومواقع المدن، والبحار والأنهار، وكان من إعجاب الملك بها أنّه أمر بحفر هذه الخريطة على لوح من الفضة، تحت إشراف الإدريسي، فجاءت في غاية الدقة والاتقان.
وأضاف الإدريسي إلى هذين الإنجازين الرائعين شرحاً قيّماً تمثّل في كتابه (نزهة المشتاق في اختراق الآفاق) حيث وضع لكل إقليم من الأقاليم السبعة، عشرة خرائط.
تطوير استخدام البوصلة
وعرف المسلمون علم الأنواء لمعرفة الأيام الصالحة للملاحة، واستخدموا الإبرة المغناطيسيّة (البوصلة) لتحديد الاتجاهات على ظهر السفن، وطوّروها بما يخدم الملاحة، قبل الصينيّين.
إنشاء أول فرقة كشفية (الكاشف):
ذكر بعض الباحثين عن الخليفة الموحّدي عبد المؤمن بن علي، أنه لمّا اجتاز الجواز الثاني للأندلس وجد عقبة بن الحجاج والي الأندلس أنشأ طائفة من الفرسان لتوطيد الأمن في ولايته سماها (الكاشف) وعاين نظامها عبد المؤمن، وأعجب بها، فلما رجع إلى المغرب أحدث المدارس، وأسس فيها الألعاب الرياضية، وفرقاً للكشّافة أعطاها هذا الاسم، وطوّرها من حراسة الأمن إلى التربية والعمل على نشر الفضيلة وقمع الرزيلة.
يقول الأستاذ محمد المنوني: وبهذا العمل يكون المغرب قد سبق أوروبا لهذا الابتكار، ويكون عبد المؤمن هو المؤسس الأول للكشفية و(بادن باول) الانجليزي الذي اشتهر عند الكثير أنّه المؤسس الأول لمناهج الكشفية، إنّما له فضل تنظيم هذه الفرق، وبعث مناهجها في العصر الحاضر.
وقبل أن يبادر المسلمون بركوب البحر في رحلة البحث عن العالم الجديد، فإنهم تخيّلوا وجود هذا العالم المجهول، فقال الشيخ محي الدين بن عربي: إن وراء المحيط أمماً من بني آدم وعمراناً.
ونقل ابن خلدون عن ابن رشد الثاني في المقدّمة قوله: أما ما وراء خط الاستواء في الجنوب بمثابة ما وراءه في الشمال.
وممن تخيّلا وجود أمريكا ومهّدا السبيل للبّحار الجنوي (كريستوف كولومبس ) أبو الثناء محمود الأصفهاني ، وقطب الدين الشيرازي.
ولم تتوقف تطلّعات البحارة العرب عند حدود العالم القديم، بل مدّوا بأبصارهم خلف المحيطات، وقد أعانهم على ذلك همّة عالية، ونظام سياسي مستقر، وعدل يحفظ حقوق العباد من طغيان الأقوياء.
وتحدثنا كتب التراث عن رحلة الفتى خشخاش البحري، مع جماعة من فتيان قرطبة، من ساحل الأندلس الغربي، حيث توغّلوا في بحر الظلمات، ثم عادوا بغنائم كثيرة.
ويحدّثنا الإدريسي في كتابه (نزهة المشتاق في اختراق الآفاق) أو الكتاب الروجاري، نسبة إلى الملك (روجر ) عن قصة (الإخوة المغرورين) وهم ثمانية رجال كلّهم أبناء عم، ابتنوا مركباً أعدوا فيه الماء والزاد ما يكفيهم لأشهر، ثم دخلوا بحر الظلمات فجروا فيه ثلاثين يوماً، من مدينة لشبونة، (الجزء البحري منها يسمى الحمّة) إلى القارّة الأمريكيّة، في رحلة استغرقت ثلاثين يوماً، ووصلوا إلى جزر (أزورس) ثم إلى جزر الأنتيل (كفاريس) قبل أن يكتشفها (كريستوف كولومبس) بخمسة قرون.
يقول الدكتور عز الدين فرّاج : وإذا لم تكن الرحلة المثيرة التي قام بها الفتية العرب في القرن التاسع الميلادي من ميناء لشبونة غرباً، ووصولهم إلى أرض قيل أنها إحدى جزر الأنتيل، أو أحد موانئ المكسيك، والتي روى تفصيلاتها الشريف الإدريسي في كتابه (نزهة المشتاق) قد أثارت مطامع الملاّحين الأوروبيين، في احتزاء حذوهم، حتى جرؤ (كريستوف كولمبس) على الإقدام على تلك المغامرة بعد ذلك بنحو خمسة قرون، فحسبنا أنّ عالماً حراً من علماء العرب هو أبو الثناء الأصفهاني قد لفت الأذهان إلى إمكان تحقيق تلك الفكرة.
اكتشاف منابع النيل :
وكشف الرحالة المسلمون في عهد الموحّدين بحيرة (فكتوريا نيانزا) وكان في مقدّمتهم الشريف الإدريسي الذي رسم في إحدى خرائطه المحفوظة في متحف (سان مارتين) بفرنسا، منابع النيل.
ومنهم الأمير المغربي أبو دبوس بن أبي العلي، أحد أمراء بني عبد المؤمن، وآخر سلاطين بر العدوة من بني عبد المؤمن، وكان قد وصل منابع النيل في أيام هربه من بني عبد الحق ملوك بني مرّين، فسبقوا بذلك المكتشفين: (سبيك) و(جرانت) اللذين اكتشفا البحيرة عام 1862 وسمياها باسم الملكة الإنجليزيّة.
اكتشاف ساحل أفريقيا الغربي:
وقام الرحالة المغربي ابن فاطمة برحلة بحريّة جنوبي مراكش، وتوغّل في كشف الساحل الأفريقي الغربي، فوصل إلى أبعد مما كان معروفاً عند الأوروبيّين حينذاك، وغرقت سفينته في موضع ساحل الذهب، ولعله كتب أخبار هذه الرحلات في كتب لم تصلنا.
وصف الطريق البحري إلى الهند :
ويعود الفضل إلى الملاّح العربي أحمد بن ماجد، في وصف الطريق البحري الموصل إلى الهند، عن طريق رأس الرجاء الصالح، حيث قاد سفن (فاسكودي غاما) البرتغالي من مالندي في شرق أفريقيا، إلى كلكتا في الهند، ومن الجدير بالذكر أنّ ابن ماجد وضع كتيّباً عن الملاحة في البحر الأحمر والخليج العربي، وعن مياه جنوب شرق آسيا.
الوصول إلى الصين :
وسافر إلى الصين عبد الرحمن بن هرون المغربي في زمن الموحّدين، وأقام به وبجزائره مدّة طويلة، حتى صار يعرف بالصيني.
ووصل المسلمون في البر إلى التركستان الروسيّة والصينية وبلاد المغول والصين، وفي البحر إلى شواطئ آسيا الشرقيّة، واكتشفوا جزائر الخالدات (كناريا) غرب شمالي إفريقيا، ومخروا عباب المحيط الأطلنطي إلى مسافات بعيدة، وتجوّلوا بقوافلهم في السودان والصحراء الكبرى حتى بلاد كثيرة في وسط وشرق وغرب وجنوب أفريقيا.
ويصف المستشرق (ستانوود كب) العرب بأنّهم كانوا ملاّحين محنّكين ويقول: ولقد دأبوا على اجتياز المحيط الهندي في جرأة طلباً للتجارة مع الهند والساحل الشرقي لأفريقيا، كما سيطروا على البحر المتوسط طيلة خمسة قرون تقريباً، ولقد سبقوا (كولمبس ) في مغامرات الأطلنطي، ولعلهم قد بلغوا فيه جزر أزورس.
ويخلص (ستانوود كب) إلى نتيجة مفادها: أنّه يمكن للمرء أن يقرّر في اطمئنان أنّه لولا هذه الخبرات الملاحيّة التي ورثها (كولمبس) عن العرب، ولولا إحياء المفهوم الإغريقي عن كروية الأرض الذي أعاده العرب إلى أوروبا لما أقدم (كولمبس) قط على المخاطرة في خوض الأطلنطي أو خطر له مجرد تصوّر فكرة هذه الرحلة.
ولم تكن رحلات المسلمين في الآفاق للنزهة، بل هي رحلات علميّة رأى فيها الرحّالة العرب البلدان ووصفوها، وقابلوا أهلها، وتحدّثوا إليهم، وكتبوا عن حياتهم الاجتماعيّة.
أوّل أطلس جغرافي، وأوّل دليل سفر:
ووضع البلخي كتاب (صور الأقاليم) فكان أوّل أطلس جغرافي، وصنف أبو القاسم بن خرداذبة أوّل دليل سفر، عندما وصف في كتابه (المسالك والممالك) الطريق البحري من مصب دجلة في الخليج العربي حتى موانئ الصين.
أوّل خريطة حائطيّة:
تحدّث الرحّالة العرب عن خريطة المأمون، أو رسم الأرض، ورغم أنهم حفظوا لنا مجموعة من الحقائق عنها، فلا يزال هناك غموض كثير يكتنف طبيعة الأسس التي رسمت عليها، ومنهم المسعودي الذي رآها، حيث يقول: ورأيت هذه الأقاليم مصوّرة في غير كتاب بأنواع الأصباغ، وأحسن ما رأيت من ذلك في كتاب جغرافيا لمارينوس، وتفسير جغرافيا قطع الأرض، وفي الصورة المأمونيّة التي عملت للمأمون، واجتمع على صنعها عدّة من حكماء أهل عصره، صور فيها العالم بأفلاكه ونجومه وبره وبحره وعامره وغامره ومساكن الأمم والمدن وغير ذلك، وهي أحسن مما تقدّمها من جغرافية بطليموس وجغرافيا مارينوس وغيرهما.
وحظي علم الخرائط عند المسلمين بأهميّة بالغة، فرسموا الخرائط البحريّة، التي استخدمها البحارة الأوروبيّون على نطاق واسع لتحديد موقعهم بالنسبة للموانئ والجزر البحريّة، وحساب المسافات التي تفصلهم عنها، وكان رائد هذا الفن، أبو عبد الله محمد بن محمد الإدريسي، الذي وضع بعد رحلة طويلة طاف خلالها الأندلس، وآسيا الصغرى، والقسطنطينيّة، ومصر، وشمال إفريقية، وسواحل فرنسا ، وإنجلترا، للملك النورمندي (رجار الثاني) بجزيرة صقيلية، أقدم خريطة حائطيّّة للعالم المعمّر آنذاك، حدّد فيها التضاريس الجغرافيّة، ومواقع المدن، والبحار والأنهار، وكان من إعجاب الملك بها أنّه أمر بحفر هذه الخريطة على لوح من الفضة، تحت إشراف الإدريسي، فجاءت في غاية الدقة والاتقان.
وأضاف الإدريسي إلى هذين الإنجازين الرائعين شرحاً قيّماً تمثّل في كتابه (نزهة المشتاق في اختراق الآفاق) حيث وضع لكل إقليم من الأقاليم السبعة، عشرة خرائط.
تطوير استخدام البوصلة
وعرف المسلمون علم الأنواء لمعرفة الأيام الصالحة للملاحة، واستخدموا الإبرة المغناطيسيّة (البوصلة) لتحديد الاتجاهات على ظهر السفن، وطوّروها بما يخدم الملاحة، قبل الصينيّين.
إنشاء أول فرقة كشفية (الكاشف):
ذكر بعض الباحثين عن الخليفة الموحّدي عبد المؤمن بن علي، أنه لمّا اجتاز الجواز الثاني للأندلس وجد عقبة بن الحجاج والي الأندلس أنشأ طائفة من الفرسان لتوطيد الأمن في ولايته سماها (الكاشف) وعاين نظامها عبد المؤمن، وأعجب بها، فلما رجع إلى المغرب أحدث المدارس، وأسس فيها الألعاب الرياضية، وفرقاً للكشّافة أعطاها هذا الاسم، وطوّرها من حراسة الأمن إلى التربية والعمل على نشر الفضيلة وقمع الرزيلة.
يقول الأستاذ محمد المنوني: وبهذا العمل يكون المغرب قد سبق أوروبا لهذا الابتكار، ويكون عبد المؤمن هو المؤسس الأول للكشفية و(بادن باول) الانجليزي الذي اشتهر عند الكثير أنّه المؤسس الأول لمناهج الكشفية، إنّما له فضل تنظيم هذه الفرق، وبعث مناهجها في العصر الحاضر.
عدل سابقا من قبل أميـنة في الجمعة فبراير 22, 2008 10:12 am عدل 3 مرات
أميـنة- طالبة أنثروبولوجيا
- عدد الرسائل : 156
تاريخ التسجيل : 30/01/2008
رد: إنتاج الرحالة المسلمون كمادة خام للبحث الانثروبولوجي
و فيمايلي سنتعرض الى السيرة الذاتية للبعض من هؤلاء العلماء الرحالة أو الانثروبولوجيون الاوائل المسلمين غير متتبعين التسلسل الزمني أو التاريخي لكل منهم
:البيروني (362-440هـ / 973 -1048م)
أبو الريحان محمد بن أحمد البيروني، فيلسوف ومؤرخ ورحالة وجغرافي ولغوي وشاعر، وعالم في الرياضيات والطبيعيات والصيدلة. اشتهر في القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي. ولد في قرية من ضواحي مدينة كاث عاصمة دولة خوارزم. ولكن لا يعرف نسبته على وجه التحديد، كما أشار هو نفسه بقوله "أنا في الحقيقة لا أعرف نسبتي... ولا أعرف من كان جدي".
رحل البيروني عن مسقط رأسه وهو في العشرين من عمره، حيث ظهرت عبقريته في علوم كثيرة، وتفتحت على مختلف فروع العلم. وعندما سمت مكانته العلمية، وارتفعت منزلته الأدبية، بدأت تتنافس عليه العروش والقصور. فتبناه أولا بناة الحكمة والعلم من بني سامان ببخارى ، حيث ذاع صيته، وقدرت مكانته العلمية والأدبية عندهم، وتوثقت صلته بهم. وهناك تعرف على الشيخ الرئيس ابن سينا الذي زامله قرابة عشرين عاما. فانتظما معا في المذاكرة والمناظرة، وتبادل الآراء والرسائل، وعلت مكانتهما عند الأمير نوح بن منصور الساماني، الذي ازدانت مكتبته بنفائس وذخائر مؤلفاتهما.
وفي عام 388هـ / 998 م. تألق نجم الأمير الأديب الحكيم قابوس بن وشمكير أمير جرجان الملقب بشمس المعالي، حيث أخذ ينافس آل سامان على جذب هذين النجمين اللذين كانا يضيئان قصور آل سامان ببخارى. فأخذ الأمير شمس المعالي يطلب من أبي الريحان الانتقال إليه ، لكنه رفض وفاءًا لآل سامان الذين كان ملكهم يومئذ يضطرب تحت الفتن والدسائس الداخلية والحروب الخارجية مع ملوك كاشغر في الشرق، وملوك غزنة في الغرب.
وعندما سقط ملك السامانيين خرج أبو الريحان مستصحبا معه ابن سينا إلى جرجان تلبية لرغبة أميرها شمس المعالي الذي أحسن ضيافتهما، وطابت نفسهما بالإقامة في قصره ، حيث كان يهتم بجهابذة العلم وعباقرة الحكمة وعمالقة الأدب. وفي هذا القصر كتب البيروني كتابه الآثار الباقية من القرون الخالية وأهداه إلى شمس المعالي.
وفي جرجان قابل البيروني أيضا أستاذه في الطب أبا سهل عيسى. وظلا معا حتى قامت الثورة العسكرية التي أطاحت بعرش شمس المعالي وأتت على حياته فخرج البيروني راجعا إلى وطنه خوارزم. وهناك استقر في مدينة جرجانية أصبحت فيما بعد ع اصمة خوارزم. وهناك اشتغل البيروني في مجمع العلوم الذي أسسه أمير خوارزم مأمون بن مأمون. وفي هذا المجمع قابل البيروني العالم مسكويه ، وانضم إليه لاحقا زميل رحلته ابن سينا.
وفي خوارزم أقام البيروني سبع سنوات في خدمة الأمير مأمون، حيث أصبحت له عند الأمير مكانة كبيرة، وقدرًا عظيما، إذ عرف الأمير مكانته من العلم، فاتخذه مستشارا له، وأسكنه معه في قصره، وكان يبدي له مظاهر الاحترام والتقدير.
وفي عام 407هـ / 1016 م. قام بعض جنود الأمير مأمون بثورة ضده وقتلوه، مما أدى إلى دخول صهره محمود بن سبكتكين الغزنوي خوارزم للانتقام من القتلة، وضم البيروني إلى حاشيته، وانتقل معه إلى بلده غزنة.
لازم البيروني السلطان محمود الغزنوي في كل رحلاته وغزواته. ومن خلال هذه الرحلات دخل البيروني الهند مع السلطان محمود في غزواته لهذه البلاد والتي بلغت سبع عشرة غزوة في المنطقة الشمالية الغربية من الهند، واستمرت حتى سنة 414 هـ / 1024 م. ولقد صاحب البيروني السلطان الغزنوي ثلاث عشرة مرة، مما أتاح له أن يحيط بعلوم الهند وتعلم من لغاتها السنسكريتية، إلى جانب إجادته العربية، والفارسية، واليونانية، والسريانية، فاستطاع أن يتوصل إلى المراجع الرئيسية. وهو ما كان ما يريده البيروني.
ولكن الأمور لم تساعد البيروني كثيرا، إذ لم يكن السلطان محمود الغزنوي من المهتمين بالعلم كثيرا، لذا كان عديم الاهتمام بأحاديث البيروني ومحاضراته. ولحسن حظه أن هذا الأمر لم يدم كثيرا، إذ ما لبث أن اعتلى عرش البلاد أكبر أولاد السلطان وهو مسعود الغزنوي وكان ذا رغبة مشتعلة، وبصيرة نافذة لتقبل العلوم ودراسة أسرارها. فأعطى البيروني المكانة اللائقة وقدم له ما يحتاجه من معونة أثناء بقائه في الهند. وعندما رجع البيروني من الهند ليستقر في قصر الأمير مسعود، أهدى له كتابه الشهير القانون المسعودي في الهيئة والنجوم.
ولما حمل البيروني هذه الهدية إلى السلطان مسعود، أراد السلطان أن يكافئه على هذه الهدية الثمينة، فأرسل له ثلاثة جمال محملة من نقود الفضة ، فردها أبو الريحان البيروني قائلا: إنه إنما يخدم العلم للعلم لا للمال. كما ألف البيروني كتابا آخر وهو الدستور وأهداه إلى شقي ق الأمير مودود بن محمود الغزنوي. ولقد بقي البيروني في غزنة، ولم يغادرها منقطعا إلى الدرس والبحث والعلم والتأليف حيث كتب معظم مؤلفاته الشهيرة.
ولقد كان البيروني مجتهدا في البحث لدرجة أن أحد أصدقائه كان يزوره وهو مريض جدا ، فسأله البيروني عن موضوع سبق أن ناقشه فيه. فقال له صديقه: أفي هذه الحالة؟ فرد البيروني: يا هذا أودع الدنيا وأنا عالم بهذه المسألة، ألا يكون خيرا من أن أتركها وأنا جاهل بها. فدار النقاش بينهما حتى
رحل البيروني عن مسقط رأسه وهو في العشرين من عمره، حيث ظهرت عبقريته في علوم كثيرة، وتفتحت على مختلف فروع العلم. وعندما سمت مكانته العلمية، وارتفعت منزلته الأدبية، بدأت تتنافس عليه العروش والقصور. فتبناه أولا بناة الحكمة والعلم من بني سامان ببخارى ، حيث ذاع صيته، وقدرت مكانته العلمية والأدبية عندهم، وتوثقت صلته بهم. وهناك تعرف على الشيخ الرئيس ابن سينا الذي زامله قرابة عشرين عاما. فانتظما معا في المذاكرة والمناظرة، وتبادل الآراء والرسائل، وعلت مكانتهما عند الأمير نوح بن منصور الساماني، الذي ازدانت مكتبته بنفائس وذخائر مؤلفاتهما.
وفي عام 388هـ / 998 م. تألق نجم الأمير الأديب الحكيم قابوس بن وشمكير أمير جرجان الملقب بشمس المعالي، حيث أخذ ينافس آل سامان على جذب هذين النجمين اللذين كانا يضيئان قصور آل سامان ببخارى. فأخذ الأمير شمس المعالي يطلب من أبي الريحان الانتقال إليه ، لكنه رفض وفاءًا لآل سامان الذين كان ملكهم يومئذ يضطرب تحت الفتن والدسائس الداخلية والحروب الخارجية مع ملوك كاشغر في الشرق، وملوك غزنة في الغرب.
وعندما سقط ملك السامانيين خرج أبو الريحان مستصحبا معه ابن سينا إلى جرجان تلبية لرغبة أميرها شمس المعالي الذي أحسن ضيافتهما، وطابت نفسهما بالإقامة في قصره ، حيث كان يهتم بجهابذة العلم وعباقرة الحكمة وعمالقة الأدب. وفي هذا القصر كتب البيروني كتابه الآثار الباقية من القرون الخالية وأهداه إلى شمس المعالي.
وفي جرجان قابل البيروني أيضا أستاذه في الطب أبا سهل عيسى. وظلا معا حتى قامت الثورة العسكرية التي أطاحت بعرش شمس المعالي وأتت على حياته فخرج البيروني راجعا إلى وطنه خوارزم. وهناك استقر في مدينة جرجانية أصبحت فيما بعد ع اصمة خوارزم. وهناك اشتغل البيروني في مجمع العلوم الذي أسسه أمير خوارزم مأمون بن مأمون. وفي هذا المجمع قابل البيروني العالم مسكويه ، وانضم إليه لاحقا زميل رحلته ابن سينا.
وفي خوارزم أقام البيروني سبع سنوات في خدمة الأمير مأمون، حيث أصبحت له عند الأمير مكانة كبيرة، وقدرًا عظيما، إذ عرف الأمير مكانته من العلم، فاتخذه مستشارا له، وأسكنه معه في قصره، وكان يبدي له مظاهر الاحترام والتقدير.
وفي عام 407هـ / 1016 م. قام بعض جنود الأمير مأمون بثورة ضده وقتلوه، مما أدى إلى دخول صهره محمود بن سبكتكين الغزنوي خوارزم للانتقام من القتلة، وضم البيروني إلى حاشيته، وانتقل معه إلى بلده غزنة.
لازم البيروني السلطان محمود الغزنوي في كل رحلاته وغزواته. ومن خلال هذه الرحلات دخل البيروني الهند مع السلطان محمود في غزواته لهذه البلاد والتي بلغت سبع عشرة غزوة في المنطقة الشمالية الغربية من الهند، واستمرت حتى سنة 414 هـ / 1024 م. ولقد صاحب البيروني السلطان الغزنوي ثلاث عشرة مرة، مما أتاح له أن يحيط بعلوم الهند وتعلم من لغاتها السنسكريتية، إلى جانب إجادته العربية، والفارسية، واليونانية، والسريانية، فاستطاع أن يتوصل إلى المراجع الرئيسية. وهو ما كان ما يريده البيروني.
ولكن الأمور لم تساعد البيروني كثيرا، إذ لم يكن السلطان محمود الغزنوي من المهتمين بالعلم كثيرا، لذا كان عديم الاهتمام بأحاديث البيروني ومحاضراته. ولحسن حظه أن هذا الأمر لم يدم كثيرا، إذ ما لبث أن اعتلى عرش البلاد أكبر أولاد السلطان وهو مسعود الغزنوي وكان ذا رغبة مشتعلة، وبصيرة نافذة لتقبل العلوم ودراسة أسرارها. فأعطى البيروني المكانة اللائقة وقدم له ما يحتاجه من معونة أثناء بقائه في الهند. وعندما رجع البيروني من الهند ليستقر في قصر الأمير مسعود، أهدى له كتابه الشهير القانون المسعودي في الهيئة والنجوم.
ولما حمل البيروني هذه الهدية إلى السلطان مسعود، أراد السلطان أن يكافئه على هذه الهدية الثمينة، فأرسل له ثلاثة جمال محملة من نقود الفضة ، فردها أبو الريحان البيروني قائلا: إنه إنما يخدم العلم للعلم لا للمال. كما ألف البيروني كتابا آخر وهو الدستور وأهداه إلى شقي ق الأمير مودود بن محمود الغزنوي. ولقد بقي البيروني في غزنة، ولم يغادرها منقطعا إلى الدرس والبحث والعلم والتأليف حيث كتب معظم مؤلفاته الشهيرة.
ولقد كان البيروني مجتهدا في البحث لدرجة أن أحد أصدقائه كان يزوره وهو مريض جدا ، فسأله البيروني عن موضوع سبق أن ناقشه فيه. فقال له صديقه: أفي هذه الحالة؟ فرد البيروني: يا هذا أودع الدنيا وأنا عالم بهذه المسألة، ألا يكون خيرا من أن أتركها وأنا جاهل بها. فدار النقاش بينهما حتى
اقتنع البيروني ثم خرج صديقه، وفي الطريق سمع عن وفاة البيروني. فكانت وفاته عام 440هـ / 1048 م عن عمر يناهز الثمانين.
وتعود شهرة البيروني الحقيقية إلى مؤلفاته الغزيرة التي تظهر علمه الوافر ونبوغه الفكري بالإضافة إلى انتمائه الديني الواضح في كل كتابته التي يزينها دائما بآيات القرآن الكريم.
وتعود شهرة البيروني الحقيقية إلى مؤلفاته الغزيرة التي تظهر علمه الوافر ونبوغه الفكري بالإضافة إلى انتمائه الديني الواضح في كل كتابته التي يزينها دائما بآيات القرآن الكريم.
ويظهر انتماؤه إلى الإسلام ولغة القرآن بقوله في مقدمة كتابه الصيدنة في الطب : "ديننا والدولة عربيان توءمان، يرفرف على أحدهما القوة الإلهية وعلى الآخر اليد السماوية؛ وكم احتشد طوائف من التوابع، وخاصة منهم الحيل والديلم في إلباس الدولة جلابيب العجمة فلم تنفق لهم في المراد سوق. ومادام الأذان يقرع آذانهم كل يوم خمسا؛ وتقام الصلوات بالقرآن العربي المبين خلف الأئمة صفا صفا؛ ويخطب به لهم في الجوامع بالإصلاح كانوا لليدين والفم، وحبل الإسلام غير منفصم ، وحصنه غير منثلم ".
كتب البيروني في شتى المعارف فألف في حقل الرياضيات والفلك والطب والصيدلة، والآداب والجغرافيا والتاريخ. ولكن أكثر اهتمامه قد تركز على الفلك والرياضيات والطبيعيات. ففي علم الفلك برهن البيروني على حقائق علمية هامة منها مساحة الأرض ونسبتها للقمر ، وعن أن الشمس هي مركز الكون الأرضي، وعن بعد الشمس عن القمر، وعن مساحة الأرض ونسبتها للقمر، وبعدها عن جرم الشمس وأبعاد المجموعة الشمسية عن الأرض، وبعد الكوكب عن الآخر في المجموعة وهو أول من قال إن الشمس هي مركز الكون الأرضي مخالفا كل ما كان سائدا في وقته من آراء تتفق كلها على أن الأرض هي مركز الكون. كما أثبت أن أوج الشمس غير ثابت. وقد استطاع ب ناء على أربعة أرصاد في المواسم الأربعة أن يحسب مقدار هذه الحركة بواسطة الحساب التفاضلي، وقد كان المقدار النهائي الذي أثبته الفلكيون المسلمون لهذه الحركة هو (12.09) ثانية في السنة، وهو تحديد يختلف قليلا عن المقدار المثبت في العصر الحاضر وهو (11.46) ثانية في السنة. كما رصد الكسوف والخسوف وشرح بطريقة واضحة، الشفق والغسق. وحسب محيط الأرض بدقة فائقة ، وحدد القبلة التي يتجه إليها المسلمون عند أداء صلاتهم ، مستعملا نظرياته الرياضية. ومن المسائل المعروفة باسم البيروني مسائل عديدة ، منها التي لا تحل بالمسطرة والفرجار ، مثل: محاولة قسمة الزاوية إلى ثلاثة أقسام متساوية ، وحساب قطر الأرض، وأن سرعة الضوء تفوق سرعة الصوت .
وقد أولى البيروني عناية كبيرة لعلم الجبر فدرس مؤلفات محمد بن موسى الخوارزمي وفهمها فهما تاما ، وأضاف إليها الكثير من التعليقات ، كما درس المعادلة الجبرية ذات الدرجة الثالثة وطورها بحلوله الهندسية والتحليلية.
كتب البيروني في شتى المعارف فألف في حقل الرياضيات والفلك والطب والصيدلة، والآداب والجغرافيا والتاريخ. ولكن أكثر اهتمامه قد تركز على الفلك والرياضيات والطبيعيات. ففي علم الفلك برهن البيروني على حقائق علمية هامة منها مساحة الأرض ونسبتها للقمر ، وعن أن الشمس هي مركز الكون الأرضي، وعن بعد الشمس عن القمر، وعن مساحة الأرض ونسبتها للقمر، وبعدها عن جرم الشمس وأبعاد المجموعة الشمسية عن الأرض، وبعد الكوكب عن الآخر في المجموعة وهو أول من قال إن الشمس هي مركز الكون الأرضي مخالفا كل ما كان سائدا في وقته من آراء تتفق كلها على أن الأرض هي مركز الكون. كما أثبت أن أوج الشمس غير ثابت. وقد استطاع ب ناء على أربعة أرصاد في المواسم الأربعة أن يحسب مقدار هذه الحركة بواسطة الحساب التفاضلي، وقد كان المقدار النهائي الذي أثبته الفلكيون المسلمون لهذه الحركة هو (12.09) ثانية في السنة، وهو تحديد يختلف قليلا عن المقدار المثبت في العصر الحاضر وهو (11.46) ثانية في السنة. كما رصد الكسوف والخسوف وشرح بطريقة واضحة، الشفق والغسق. وحسب محيط الأرض بدقة فائقة ، وحدد القبلة التي يتجه إليها المسلمون عند أداء صلاتهم ، مستعملا نظرياته الرياضية. ومن المسائل المعروفة باسم البيروني مسائل عديدة ، منها التي لا تحل بالمسطرة والفرجار ، مثل: محاولة قسمة الزاوية إلى ثلاثة أقسام متساوية ، وحساب قطر الأرض، وأن سرعة الضوء تفوق سرعة الصوت .
وقد أولى البيروني عناية كبيرة لعلم الجبر فدرس مؤلفات محمد بن موسى الخوارزمي وفهمها فهما تاما ، وأضاف إليها الكثير من التعليقات ، كما درس المعادلة الجبرية ذات الدرجة الثالثة وطورها بحلوله الهندسية والتحليلية.
وحل المعادلة المشهورة في القرون الوسطى (س3 = 1 3س)، وحصل على نتيجة مرضية لجذورها مقربة للغاية إلى ستة منازل عشرية. واشتهر ببرهان القانون المعروف بجيب الزاوية مستخدما المثلث المستوى.
وفي حقل الكيمياء اتفق البيروني مع الكندي في رفض ادعاء القائلين بإمكانية تحويل المعادن الرخيصة إلى ذهب ، وأنكر سعيهم وراء الإكسير. وقد انصبت اهتماماته على دراسة عدة صناعات كانت قائمة في زمنه، كطلاء الأواني الفخارية، وتحضير الفولاذ المعد لصنع السيوف ، واستخلاص الزئبق من الزنجفر.
وفي حقل الكيمياء اتفق البيروني مع الكندي في رفض ادعاء القائلين بإمكانية تحويل المعادن الرخيصة إلى ذهب ، وأنكر سعيهم وراء الإكسير. وقد انصبت اهتماماته على دراسة عدة صناعات كانت قائمة في زمنه، كطلاء الأواني الفخارية، وتحضير الفولاذ المعد لصنع السيوف ، واستخلاص الزئبق من الزنجفر.
وعرف بعض الطرائق الكيمياوية الهامة كالتصعيد، والتسامي، والتقطير، والتشميع، والترشيح إضافة إلى تحضير عدد من المركبات الكيمياوية.
ويعرف أبو الريحان البيروني أيضا بالصيدلاني المحترف بجمع الأدوية واختيار الأجود من أنواعها مفردة ومركبة على أفضل التراكيب التي خلدها له مبرزو أهل الطب ، وهذه أولى مراتب صناعة الطب ، إذا كان الترقي فيها من أسفل إلى أعلى.
ترك البيروني ما يقارب ثلاثمائة مؤلف من بين كتاب ورسالة بشتى اللغات. منها حوالي (183) مؤلفا باللغات العربية من أشهرها بخلاف ما ذكر كتاب ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة ، وكتاب الجماهر في معرفة الجواهر ، وكتاب التفهيم لأوائل صناعة التنجيم ، وكتاب تحديد نهايات الأماكن لتصحيح مسافات المساكن ، ورسالة استيعاب الوجوه الممكنة في صنعة الأسطرلاب . وكتاب رؤية الأهلة ، ومقالة في تحديد مكان البلد باستخدام خطوط الطول والعرض ، وكتاب المسائل الهندسية ، ورسالة في معرفة سمت القبلة ، ورسالة في الميكانيكا والأيدروستاتيكا .
ويعرف أبو الريحان البيروني أيضا بالصيدلاني المحترف بجمع الأدوية واختيار الأجود من أنواعها مفردة ومركبة على أفضل التراكيب التي خلدها له مبرزو أهل الطب ، وهذه أولى مراتب صناعة الطب ، إذا كان الترقي فيها من أسفل إلى أعلى.
ترك البيروني ما يقارب ثلاثمائة مؤلف من بين كتاب ورسالة بشتى اللغات. منها حوالي (183) مؤلفا باللغات العربية من أشهرها بخلاف ما ذكر كتاب ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة ، وكتاب الجماهر في معرفة الجواهر ، وكتاب التفهيم لأوائل صناعة التنجيم ، وكتاب تحديد نهايات الأماكن لتصحيح مسافات المساكن ، ورسالة استيعاب الوجوه الممكنة في صنعة الأسطرلاب . وكتاب رؤية الأهلة ، ومقالة في تحديد مكان البلد باستخدام خطوط الطول والعرض ، وكتاب المسائل الهندسية ، ورسالة في معرفة سمت القبلة ، ورسالة في الميكانيكا والأيدروستاتيكا .
الشريف الإدريسي
في أواخر القرن الخامس الهجري سنة 493هـ، وفي مدينة (سبتة) بالمغرب ولد رجل من أعظم علماء الجغرافيا في العالم، إنه (محمد بن عبد الله بن إدريس) المعروف بالشريف الإدريسي.
ولد محمد بن عبد الله بن إدريس سنة 493هـ، ونشأ محبًّا للعلم يحب الطبيعة والأزهار، وكثيرًا ما كان يتتبع نمو الأزهار، والنباتات ومظاهر الطبيعة التي كانت تعجبه، وتشغل باله، ذهب الإدريسي في طفولته إلى الكُتَّاب ليحفظ القرآن ويتعلم اللغة والفقه، ولكنه لم ينتظر حتى يكمل دراسته، بل خرج للرحلة، ومشاهدة مظاهر الطبيعة في البلاد، فأكمل دراسته، وتعلمه خلال رحلاته ومشاهداته، ولم يهتم الإدريسي بعلوم الدين فقط، وإنما خرج يطوف في البلاد يشاهد ويدون، ويرسم ما شاهده، وقد دفعته نفسه التواقة إلى القيام برحلة كبيرة تغطي أرجاء العالم الإسلامي، كما زار البرتغال وإيطاليا وسواحل فرنسا وإنجلترا، وكان لهذه الرحلات أثرها في تنمية معلوماته الجغرافية.
اتصل الإدريسي بالملك (روجر الثاني) ملك صقلية وكانت صقلية لا تزال تزدهر فيها الثقافة الإسلامية على الرغم من استيلاء النورمانديين عليها من المسلمين؛ فطلب من الإدريسي أن يرسم له خريطة للعالم، فاختار الرجال، ودربهم على دقة المشاهدة ليصوروا ما يشاهدونه برسومهم ويزودوه بمعلوماتٍ جغرافيةٍ عن البلاد التي سينزلون بها، وحين اطمأن إلى قدرتهم على إنجاز مهمته أرسلهم إلى بلادٍ كثيرة، وكان الإدريسي يدون المعلومات التي تصل إليه منهم، ويعيد صياغتها.
ثم جمع الإدريسي كل ما وصل إليه في كتاب سماه (نزهة المشتاق في اختراق الآفاق) وقد احتوى الكتاب على كثير من المعلومات الخاصة بغرب أوربا، وقد اشتهر هذا الكتاب بين علماء الشرق والغرب وخاصة المشتغلين بالجغرافيا، واستغرق إخراج هذا الكتاب خمسة عشر عامًا.
وبعد الانتهاء من تأليفه، أهداه إلى صديقه الملك روجر سنة 1154م الذي أعجب به، وكافأه عليه، ثم قام برسم خريطة للعالم حسب طلب الملك (روجر) على لوح مستطيل من الفضة؛ حيث اشتملت على عدد كبير من الأسماء، ثم طلب منه أن يصنع له كرة توضح شكل الكرة الأرضية، فأمر الإدريسي أن تفرغ له من الفضة الخالصة دائرة مفصلة عظيمة الحجم في وزن 400 رطل، فلما كملت أمر العمال أن ينقشوا عليها صور الأقاليم ببلادها، وأقطارها وريفها وخلجانها وبحارها ومواقع أنهارها وعامرها والطرق والمسافات بين البلاد والمراسي، لا يتركون شيئًا، ويأتون به على هيئته وشكله، فصنع بذلك أول مجسم لكرة أرضية دقيقة عُرفت في التاريخ على هذا الشكل، ولكن للأسف تعرضت للضياع.
ولم يَبْقَ من آثار الإدريسي إلا كتابه وأطلس خرائطه، ويعد الإدريسي أول جغرافي متخصص في هذا
في أواخر القرن الخامس الهجري سنة 493هـ، وفي مدينة (سبتة) بالمغرب ولد رجل من أعظم علماء الجغرافيا في العالم، إنه (محمد بن عبد الله بن إدريس) المعروف بالشريف الإدريسي.
ولد محمد بن عبد الله بن إدريس سنة 493هـ، ونشأ محبًّا للعلم يحب الطبيعة والأزهار، وكثيرًا ما كان يتتبع نمو الأزهار، والنباتات ومظاهر الطبيعة التي كانت تعجبه، وتشغل باله، ذهب الإدريسي في طفولته إلى الكُتَّاب ليحفظ القرآن ويتعلم اللغة والفقه، ولكنه لم ينتظر حتى يكمل دراسته، بل خرج للرحلة، ومشاهدة مظاهر الطبيعة في البلاد، فأكمل دراسته، وتعلمه خلال رحلاته ومشاهداته، ولم يهتم الإدريسي بعلوم الدين فقط، وإنما خرج يطوف في البلاد يشاهد ويدون، ويرسم ما شاهده، وقد دفعته نفسه التواقة إلى القيام برحلة كبيرة تغطي أرجاء العالم الإسلامي، كما زار البرتغال وإيطاليا وسواحل فرنسا وإنجلترا، وكان لهذه الرحلات أثرها في تنمية معلوماته الجغرافية.
اتصل الإدريسي بالملك (روجر الثاني) ملك صقلية وكانت صقلية لا تزال تزدهر فيها الثقافة الإسلامية على الرغم من استيلاء النورمانديين عليها من المسلمين؛ فطلب من الإدريسي أن يرسم له خريطة للعالم، فاختار الرجال، ودربهم على دقة المشاهدة ليصوروا ما يشاهدونه برسومهم ويزودوه بمعلوماتٍ جغرافيةٍ عن البلاد التي سينزلون بها، وحين اطمأن إلى قدرتهم على إنجاز مهمته أرسلهم إلى بلادٍ كثيرة، وكان الإدريسي يدون المعلومات التي تصل إليه منهم، ويعيد صياغتها.
ثم جمع الإدريسي كل ما وصل إليه في كتاب سماه (نزهة المشتاق في اختراق الآفاق) وقد احتوى الكتاب على كثير من المعلومات الخاصة بغرب أوربا، وقد اشتهر هذا الكتاب بين علماء الشرق والغرب وخاصة المشتغلين بالجغرافيا، واستغرق إخراج هذا الكتاب خمسة عشر عامًا.
وبعد الانتهاء من تأليفه، أهداه إلى صديقه الملك روجر سنة 1154م الذي أعجب به، وكافأه عليه، ثم قام برسم خريطة للعالم حسب طلب الملك (روجر) على لوح مستطيل من الفضة؛ حيث اشتملت على عدد كبير من الأسماء، ثم طلب منه أن يصنع له كرة توضح شكل الكرة الأرضية، فأمر الإدريسي أن تفرغ له من الفضة الخالصة دائرة مفصلة عظيمة الحجم في وزن 400 رطل، فلما كملت أمر العمال أن ينقشوا عليها صور الأقاليم ببلادها، وأقطارها وريفها وخلجانها وبحارها ومواقع أنهارها وعامرها والطرق والمسافات بين البلاد والمراسي، لا يتركون شيئًا، ويأتون به على هيئته وشكله، فصنع بذلك أول مجسم لكرة أرضية دقيقة عُرفت في التاريخ على هذا الشكل، ولكن للأسف تعرضت للضياع.
ولم يَبْقَ من آثار الإدريسي إلا كتابه وأطلس خرائطه، ويعد الإدريسي أول جغرافي متخصص في هذا
العلم، فقد فاق (بطليموس) العالم اليوناني القديم الذي كان يدرس الرياضيات والفلك، فكان اهتمامه بالجغرافيا لهذا السبب، أما الإدريسي فلم يهتم إلا بالجغرافيا فقط، فجعلها علمًا مثل باقي العلوم ومن إسهاماته في هذا المجال أنه أكد على خطوط الطول والعرض لتحديد المكان والمسافة، وقال بكروية الأرض، وترك عددًَا من الخرائط لمنابع نهر النيل والبحار وأقاليم العالم القديم.
وقد اهتمت الدول المختلفة بنقل المعلومات التي كتبها الإدريسي عنها ودرسوها فكان الإدريسي بذلك أعظم جغرافي آنذاك، وحصل على تلك المكانة بفضل ملكاته الممتازة في رسم الخرائط، ويعتبر أطلسه أهم أثر للخرائط التي رُسِمَتْ في العصور الوسطي، وقد استطاع (كونراد ميللر) أن يستخرج من أطلس خرائط الإدريسي خريطة جامعة للعالم، وطبعت سنة 1938م ملونة وفي 1951م طُبِعَت باللغة العربية وظل الاعتماد على خرائطه في أوربا حتى القرن السادس عشر الميلادي.
ولم يكن الإدريسي بارعًا في الجغرافيا وحدها بل برع أيضًا في النبات وبخاصة الأعشاب الطبية، وألف فيه كتابه (الجامع لصفات أشتات النبات) وقد استفاد (ابن البيطار) النباتي المشهور من هذا الكتاب الذي لم يصل إلينا، ونقل منه مائة مرة أشياء تختص بالأشجار والنبات والأزهار.
وظل الإدريسي يعمل في خدمة العلم، تحت رعاية صديقه الملك (روجر الثاني) ومن جاء بعده، حتى توفي في سنة 560هـ على رأي أكثر المؤرخين وهو بعيد وغريب عن بلده يسعى للعلم.
وقد اهتمت الدول المختلفة بنقل المعلومات التي كتبها الإدريسي عنها ودرسوها فكان الإدريسي بذلك أعظم جغرافي آنذاك، وحصل على تلك المكانة بفضل ملكاته الممتازة في رسم الخرائط، ويعتبر أطلسه أهم أثر للخرائط التي رُسِمَتْ في العصور الوسطي، وقد استطاع (كونراد ميللر) أن يستخرج من أطلس خرائط الإدريسي خريطة جامعة للعالم، وطبعت سنة 1938م ملونة وفي 1951م طُبِعَت باللغة العربية وظل الاعتماد على خرائطه في أوربا حتى القرن السادس عشر الميلادي.
ولم يكن الإدريسي بارعًا في الجغرافيا وحدها بل برع أيضًا في النبات وبخاصة الأعشاب الطبية، وألف فيه كتابه (الجامع لصفات أشتات النبات) وقد استفاد (ابن البيطار) النباتي المشهور من هذا الكتاب الذي لم يصل إلينا، ونقل منه مائة مرة أشياء تختص بالأشجار والنبات والأزهار.
وظل الإدريسي يعمل في خدمة العلم، تحت رعاية صديقه الملك (روجر الثاني) ومن جاء بعده، حتى توفي في سنة 560هـ على رأي أكثر المؤرخين وهو بعيد وغريب عن بلده يسعى للعلم.
أميـنة- طالبة أنثروبولوجيا
- عدد الرسائل : 156
تاريخ التسجيل : 30/01/2008
رد: إنتاج الرحالة المسلمون كمادة خام للبحث الانثروبولوجي
ابن بطوطة
هو محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم اللواتي الطنجي، أبو عبد الله، رحّالة مؤرخ، ولد أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن إبراهيم الطنجي في مدينة طنجة في يوم الاثنين السابع عشر من شهر رجب سنة 703 هجرية الرابع والعشرين من فبراير سنة 1304 ميلادية لأب من أوساط الناس.
خرج منها سنة 725 هـ فطاف بلاد المغرب ومصر والشام والحجاز والعراق وفارس واليمن والبحرين وتركستان وما وراء النهر وبعض الهند والصين والجاوة وبلاد التتر وأواسط أفريقيا.
اتصل بكثير من الملوك والأمراء فمدحهم- وكان ينظم الشعر- واستعان بهباتهم على أسفاره وعاد إلى المغرب الأقصى, فانقطع إلى السلطان أبي عنان (من ملوك بني مرين) فأقام في بلاده، وأملى أخبار رحلته على محمد بن جزي الكلبي بمدينة فاس سنة 756 هـ وسماها تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار.
ترجمت إلى اللغات البرتغالية والفرنسية والإنجليزية، ونشرت بها، وترجم فصول منها إلى الألمانية نشرت أيضا، وكان يحسن التركية والفارسية. واستغرقت رحلته 27 سنة (1325-1352 م) ومات في مراكش سنة 779 هـ/1377 م.
تلقبه جامعة كامبريدج في كتبها وأطالسها بأمير الرحالة المسلمين. ولد ابن بطوطة في طنجة بالمغرب عام 1304 لعائلة عرف عنها عملها في القضاء. وفي فتوته درس الشريعة وقرر عام 1325, وهو ابن 21 عاماً, أن يخرج حاجاً، كما أمل من سفره أن يتعلم المزيد عن ممارسة الشريعة في أنحاء بلاد العرب.
يقول الدكتور حامد عبد الرحيم عيد: لقد طبع ابن بطوطة الرحلة في القرن الرابع عشر( الثامن هجري) بشخصيته القوية النابضة المتطلعة إلي كل ما حوله بشوق دائم.. حيث قضي ثمانية وعشرين عاما يذرع شرق الأرض وغربها حين بدأ رحلته من طنجة وسار إلي مصر بطريق شمال أفريقيا, ثم زار الشام وأتم الحج وتنقل في فارس وبلاد العرب ووصل إلي شرق أفريقيا, وقام بعد ذلك بزيارة القرم وحوض الفواغا الأدنى ودخل القسطنطينية فاحتفي به ملكها قسطنطين الرابع (1344 ـ1363) واتجه بعدها شرقا إلي خوارزم وبخاري وتركستان وأفغانستان والهند, وهناك خدم لدي ملك دلهي ثماني سنوات... وتعرف إلي جزر الملديف وبعض جزر الهند الشرقية والصين, وأخيرا عاد إلي طنجة .
وبعد هذه الرحلة الطويلة (725/ ـ1325/750ـ1349) قام برحلتين قصيرتين نسبيا:
الأولي في الأندلس في حدود سنة1350/751 ، والثانية إلي السودان العربي ودامت نحو سنتين : بدأها سنة 1352/752 وفي هذه الرحلة وصل إلي تمبكتو, وأبحر في نهر النيجر وعاد إلي فارس بطريق الصحراء الكبري, وقد قدرت المسافة التي قطعها ابن بطوطة في أسفاره بنحو 120.000 كيلو متر, ولأول مرة يجرب رحالة ألا يقطع طريقا مرتين, حيث نجح في ذلك إلا فيما ندر ويقال إنه الرحالة العربي الوحيد في العصور الوسطى الذي رأى بلاد كل حاكم مسلم من حكام عصره.
و لا يعرف تاريخ الرحلات من اجتاز مثل هذه المسافة قبل العصور الحديثة مما حدا بالمؤرخين أن يعتبروا ابن بطوطة رحالة محترفا.
وقد اشتهر ابن بطوطة عند العامة ابن بطبوطة, وتنتشر قبيلته البربرية بدءا من طنجة بالمغرب حتي ليبيا.. إلا أن مهارته في الأسفار لا تتوافق مع قدرته في الكتابة..... من هنا اعتمد علي سرد رحلته شفهيا و ما صادفه من عجائب الأسفار للبلدان التي مر بها وزارها علي كاتبه محمد بن جزي الكلبي وهو عربي ويرجح أنه فلسطيني الأصل هاجر إلي غرناطة, وابن بطوطة كان فقيها عالما, جري علي تقليد أسرته التي عرفت باشتغالها بالعلوم الشرعية, وقد عرف الحاج له فضله فقدموه قاضيا عليهم وهم بعد في تونس في طريقهم إلي مصر.. وقد ولي القضاء في جزائر ملديف أيضا.لم يكن ابن بطوطة جغرافيا.. فهو لم يهتم بالأقطار إلا قليلا, وحتى المدن جاء وصفه لها باعتبار ما يقطنها من الناس, الذين كانوا موضع اهتمامه, ولذلك فهو يفيدنا في التاريخ والاجتماع أكثر مما يفيدنا في الجغرافيا وجاء ترتيب أسفاره غير واضح, يعزيه المؤرخون لسببين:
أولهما أنه أملى أخباره بعد مدة طويلة من انتهاء أسفاره وكان قد فقد أوراقه, وأما الثاني فهو أن الرجل لم يكن يعنيه المكان حتي ينتبه له بشكل خاص، فقد كان المهم عنده ما انطبع في ذهنه من أثر لمن يقيم في مكان ما.. أكثر من اهتمامه بالصفة الطبيعية للمكان نفسه.
وقد بدأ ابن بطوطة رحلته إلي المشرق في رجب 1325/725 بعد أن كان قد تفقه في علوم عصره الشرعية, متأثرا في ذلك بأسرته وبلده.
ومن الأشياء المثيرة للاهتمام أنه استفاض في وصف مصر بدءا من الإسكندرية ودمياط والقاهرة والصالحية وطريق البحر الأحمر واستطرد أيضا في وصف مصر العليا والصعيد: إسنا وأرمنت والأقصر وقوص وقنا وأخميم وأسيوط ومنفلوط وملوي والأشمونين والمنيا والبهنسة وبوش والعياط.
آثاره
حين أعجب سلطان المغرب ابن عنان (1348- 1358 تقريباً) بأوصاف البلاد التي قصها عليه ابن بطوطة أمره بأن يلزم فاس ويضع هذه القصص في كتاب. .. فألف ابن بطوطة كتابه الشهير "الرحلات" في أربعة أجزاء منفصلة ساعده فى ذلك كاتب ابن الجوزي الكلبي...ويقال بأن ابن الجوزي أضاف للكتاب قليلاً من العنصر القصصي بهدف التشويق ملتزماً بما سرده ابن بطوطة عليه إلا أن كتاب "الرحلات" لم يكتسب شعبية في الغرب إلا في القرن التاسع عشر, حينما ترجم إلى الإنجليزية والفرنسية واللغات الأوروبية الأخرى.
بعد انتهائه من كتاب الرحلات. لم يخرج ابن بطوطة, الذي تقدم في السن, بأي رحلة مطولة لا إلى الصحاري ولا غيرها. بل أخذ يعمل في القضاء ويواصل نشر ما اكتسبه من حكمة خلال أسفاره. ولا تتوافر معلومات وافية عن السنوات الأخيرة من عمره.
واليوم حصل ابن بطوطة على التقدير الذي يستحقه بجدارة في عالم الاستكشاف، فلتخليد انجازاته الفريدة في الأسفار, أطلق علماء العصر اسم ابن بطوطة على إحدى الفوهات البركانية على سطح القمر.
أميـنة- طالبة أنثروبولوجيا
- عدد الرسائل : 156
تاريخ التسجيل : 30/01/2008
رد: إنتاج الرحالة المسلمون كمادة خام للبحث الانثروبولوجي
ابن جبير
ابن جبير من أشهر الرحالة المسلمين الذين قاموا برحلات إلى المشرق العربي ، سجل خلالها الكثير من المعلومات التي تعتبر وثائق من الدرجة الأولى لأنه حسن الملاحظة وصريح العبارة ، فكانت رحلته مصدراً مهماً للباحثين في مجال التاريخ و الاجتماع والحضارة العربية في القرن السادس و السابع الهجري .
نسبه: هو محمد بن أحمد بن جبير وكنيته أبو الحسن .
ولد ابن جبير بمدينة بلنسية بالأندلس عام 540 هـ ، و هو ينحدر من أسرة عربية عريقة عاشت بالأندلس عام 123هـ ، قادمة من المشرق العربى فى الفتوحات الإسلامية للأندلس مع القائد المشهور بَلْج بن بشر بن عياض .
أنهى ابن جبير دراسته بعد أن أكمل حفظه للقرآن الكريم بمدينة بلنسية على يد أبي الحسن بن أبي العيش، وفي شاطبة درس ابن جبير علوم الدين على يد أبيه وشغف بها لكن ميوله برزت أيضا في علم الحساب، وفي العلوم اللغوية والأدبية ، وأظهر مواهب شعرية ونثرية أهلته أن يكون كاتبا لحاكم غرناطة فى ذلك الوقت أبي سعيد عثمان بن عبد المؤمن ، أمير الموحدين.
رحلاته :
كان ابن جبير كثير الترحال والتنقل فترك الأمير وقام بثلاث رحلات إلى المشرق
أما الرحلة الأولى :
خرج ابن جبير سنة 579هـ من غرناطة إلى (سبتة) ومنها ركب البحر إلى الإسكندرية ومنها توجه إلى مكة عن طريق (عيذاب) فجدة ، فحج وزار المدينة والكوفة وبغداد والموصل وحلب ودمشق وركب البحر إلى صقلية عائدا إلى غرناطة عام 581 هـ وقد استغرقت رحلته سنتين سجل فيها مشاهداته وملاحظاته بعين فاحصة في يومياته المعروفة برحلة ابن جبير ثم أتبع هذه الرحلة برحلة ثانية وثالثة.
أما رحلته الثانية :
فقد دفعه إليها أنباء استرداد بيت المقدس من الصليبيين من قبل السلطان صلاح الدين الأيوبي سنة 583هـ فشرع في هذه الرحلة سنة 585هـ وانتهى منها سنة 586 هـ.
أما رحلته الثالثة :
فكانت إثر وفاة زوجته ، فقد كان يحبها حبا شديدا ، فدفعه الحزن عليها إلى القيام برحلة ثالثة يروح
بها عما ألم به من حزن على فراقها، فخرج من (سبتة) إلى مكة وبقي فيها فترة من الزمن ثم غادرها إلى بيت المقدس والقاهرة والإسكندرية، حيث توفي فيها سنة 614هـ.
ولم يترك لنا ابن جبير إلا حديثه عن رحلته الأولى.
رحلة ابن جبير
من مصنفات ابن جبير كتابه عن رحلته الأولى وتعرف بـ رحلة ابن جبير ، وتعد من أهم مؤلفات العرب في الرحلات.
فقد تفقد فيها الآثار والمساجد والدواوين ودرس أحوالها وذكر ما شاهده وما كابده في أسفاره، ووصف حال مصر في عهد صلاح الدين ومدحه لإبطاله المكس (الضريبة) المترتبة على الحجاج ، ووصف المسجد الأقصى والجامع الأموي بدمشق والساعة العجيبة التي كانت فيه ، وهي من صنع رضوان ابن الساعاتي ، وانتقد كثيراً من الأحوال، ومن أهم مشاهداته ما تحدث به عن صقلية وآثارها، من مساجد ومدارس وقصور، وعن الحضارة التي خلفها العرب في الجزيرة .
لقد ترك لنا «ابن جبير» تحفة رائعة من خلال كتابه «رحلة ابن جبير» وذلك حين رسم لنا الحياة بكل تجلياتها في القرن السابع الهجري في المشرق والمغرب والانطباع الذي خلفته هذه المدن في نفسه والأهمية التي رأى أنها تستحقها.
ولم يكن ابن جبير رحالة فحسب بل كان شاعراً وكاتباً رائعاً نظراً لما تعلمه فى صغره وقد كان له ديوان شعر يسمى نظم الجمان في التشكي من إخوان الزمان ، وله أيضاً كتاب آخر بعنوان نتيجة وجد الجوانح في تأبين القرين الصالح .
وفاته :
توفي الرحالة ابن جبير وهو راجع من رحلته الثالثة في الإسكندرية سنة 614 هـ ، عن عمر يناهز الرابعة و السبعين عاماً. رحم الله ابن جبير الذى أفاد البشرية بما كتبه فى رحلاته المشهورة من ملاحظات وتسجيلات تعبر عن عين فاحصة وأفق واسعة وحب للترحال فقد كان من أوائل الرحالة المسلمين العرب .
أميـنة- طالبة أنثروبولوجيا
- عدد الرسائل : 156
تاريخ التسجيل : 30/01/2008
رد: إنتاج الرحالة المسلمون كمادة خام للبحث الانثروبولوجي
ياقوت الحموي
ياقوت الحموي (574 -626هـ / 1178 -1229م) ياقوت بن عبد الله الرومي الحموي شهاب الدين رحالة جغرافي أديب شاعر لغوي، وهو عربي الأصل من مدينة حماة ، وقد أسر الروم والده في غارة لهم على مدينة حماة، ولم يستطع الحمدانيون فداءه مثل غيره من العرب فبقي أسيرا بها وتزوج من فتاة رومية فقيرة أنجبت "ياقوتا". وانتقل إلى بغداد وهو طفل، وكان واليه التاجر عسكر بن أبي نصر البغدادي، وعامله عسكر معاملة الابن، وقد حفظ القرآن الكريم في مسجد متواضع هو المسجد الزيدي بحارة ابن دينار على يد مقرئ جيد وتعلم القراءة والكتابة والحساب، وحين أتقن ياقوت القراءة والكتابة راح يتردد على مكتبة مسجد الزيدي يقرأ بها الكتب وكان إمام الجامع يشجعه ويعيره الكتب ليقرأها.
وعلمه عسكر شئون التجارة وعمل معه بمتجره، وسافر معه إلى عدة بلاد وكانت أولى أسفاره إلى جزيرة كيش في جنوب الخليج العربي، وكانت جزيرة شهيرة في وقتها بالتجارة. وتوالت أسفار ياقوت إلى بلاد فارس والشام والجزيرة العربية وفلسطين ومصر، وحين اطمأن عسكر لخبرته بالتجارة مكث في بغداد وكان ياقوت يسافر بمفرده وكان أثناء رحلاته يدون ملاحظاته الخاصة عن الأماكن والبلدان والمساجد والقصور والآثار القديمة والحديثة والحكايات والأساطير والغرائب والطرائف.
وفي عام 597هـ -1200م ترك ياقوت تجارة عسكر وفتح دكانا متواضعا بحي الكرخ ينسخ فيه الكتب لمن يقصده من طلاب العلم، وجعل جدران الدكان رفوفا يضع بها ما لديه من الكتب التي اشتراها أثناء رحلاته أو الكتب التي نسخها بيده من مكتبة مسجد الزيدي. وكان في الليل يفرغ للقراءة، وأدرك ياقوت أهمية التمكن من اللغة والأدب والتاريخ والشعر فنظم لنفسه أوقاتا لدراسة اللغة على يد ابن يعيش النحوي، والأدب على يد الأديب اللغوي العُكْبُري. وعندما بلغ ياقوت خمسا وعشرين سنة وتمكن من العلوم المختلفة وشعر أن خبراته الجغرافية قد نضجت عاود السفر مرة أخرى، وعمل في تجارة الكتب، فزار فارس ولقي علماءها وأدباءها وسافر إلى الشام وزار موطنه الأصلي حماة. وزار نيسابور وتزوج هناك ومكث عامين، ولكنه لم يستطع الاستقرار طويلا فعاود السفر وتجارة الكتب مرة أخرى بين مدائن خراسان، ومر بمدينة هراة وسرخس ومرو، وكانت مدينة جميلة، فقرر أن يمكث بها فهي مركز ثقافي هام، وكان ياقوت يختبر ما يسمعه من أخبار عن المدينة فقد سمع مثلا عن أهالي مرو أن هم بخلاء، ولكنه وجدهم ليني الأخلاق، يؤثرون الاقتصاد والاعتدال ويكرهون الإسراف وفي مرو وضع عددا من الكتب، وبدأ في إنجاز مشروعه الكبير لتأليف معجم جغرافي يدون به أسماء
البلدان وما سمعه ورآه عنها محققا أسماءها ذاكرا لموقعها الدقيق مراعيا الدقة والتحقيق ذاكرا خطوط الطول والعرض وموضحا لتاريخها وحكاياتها وأخبارها، وهو: معجم البلدان ومع اجتياح المغول لمرو
هرب ياقوت الحموي إلى الموصل وأنجز بها معجم الأدباء، وسافر بعد ذلك إلى حلب وكان في رعاية واليها الوزير والعالم المؤرخ الطبيب القفطي الذي رحب به وجعل له راتبا من بيت المال وقد كان ياقوت معجبا بالوالي لعلمه فقد قرأ كتبه في بغداد، وقضى ياقوت في حلب خمس سنوات أنهى فيها الكتابة الأولى لمعجم البلدان وكان قد بلغ من العمر خمسة وأربعين عاما.
ويروى أن سبب تأليف ياقوت لهذا المعجم أن سائلا قد سأله عن موضع سوق حُباشة بالضم ولكنه نطقها بالفتح وأصر على صحة نطقه وتحقق ياقوت من صحة نطق الاسم فتأكد من صواب نطقه هو للاسم فقرر أن يضع معجما للبلدان.
وعاود ياقوت السفر مرة أخرى إلى سورية وفلسطين ومصر وكان يودع دائما المعلومات الجديدة التي يجمعها في معجمه فظل يصحح فيه ويضبطه إلى أن حان أجله عام 626هـ -1229م في حلب، وقد طلب من صديقه المؤرخ ابن الأثير أن يضع نسخة من كتابه في مكتبة مسجد الزيدي ببغداد الجامع الذي شهد أولى مراحله التعليمية. وقد طلب القفطي منه أن يختصر المعجم لكنه رفض لاعتقاده أن الاختصار يشوه الكتب ويفقدها الكثير من قيمتها العلمية. ومن أهم مؤلفاته في الجغرافيا: مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع . و المشترك وضعا من أسماء البلدان والمختلف صقعا من الأقاليم . و معجم البلدان . ومن مؤلفاته الأخرى: معجم الأدباء . المقتضب في النسب . أنساب العرب . أخبار المتنبي .
ياقوت الحموي (1178-1228): أديب ومؤلف موسوعات، ولد في مدينة حماة السورية. اشتهر بكتابه "إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب"، الذي جمع فيه أخبار الأدباء إلى أيامه، ورتبهم فيه حسب حروف المعجم، وأشار إلى من اشتغل منهم بالكتابة أو الوراقة أو النسخ أو الشعر. ويعتبر الكتاب موسوعة ضخمة للأدباء. ذكر ياقوت في مقدمته كتب التراجم الكثيرة التي استفاد منها، وتدل القائمة الكبيرة التي ذكرها على أنه علم من أعلام مؤلفي الموسوعات في التاريخ. كما يدل على ذلك أيضاً تأليفه كتاب "معجم البلدان"، وهو موسوعة جغرافية ضخمة تستغرق عدة مجلدات، رتبت هي الأخرى على حروف المعجم.
ياقوت الحموي (574 -626هـ / 1178 -1229م) ياقوت بن عبد الله الرومي الحموي شهاب الدين رحالة جغرافي أديب شاعر لغوي، وهو عربي الأصل من مدينة حماة ، وقد أسر الروم والده في غارة لهم على مدينة حماة، ولم يستطع الحمدانيون فداءه مثل غيره من العرب فبقي أسيرا بها وتزوج من فتاة رومية فقيرة أنجبت "ياقوتا". وانتقل إلى بغداد وهو طفل، وكان واليه التاجر عسكر بن أبي نصر البغدادي، وعامله عسكر معاملة الابن، وقد حفظ القرآن الكريم في مسجد متواضع هو المسجد الزيدي بحارة ابن دينار على يد مقرئ جيد وتعلم القراءة والكتابة والحساب، وحين أتقن ياقوت القراءة والكتابة راح يتردد على مكتبة مسجد الزيدي يقرأ بها الكتب وكان إمام الجامع يشجعه ويعيره الكتب ليقرأها.
وعلمه عسكر شئون التجارة وعمل معه بمتجره، وسافر معه إلى عدة بلاد وكانت أولى أسفاره إلى جزيرة كيش في جنوب الخليج العربي، وكانت جزيرة شهيرة في وقتها بالتجارة. وتوالت أسفار ياقوت إلى بلاد فارس والشام والجزيرة العربية وفلسطين ومصر، وحين اطمأن عسكر لخبرته بالتجارة مكث في بغداد وكان ياقوت يسافر بمفرده وكان أثناء رحلاته يدون ملاحظاته الخاصة عن الأماكن والبلدان والمساجد والقصور والآثار القديمة والحديثة والحكايات والأساطير والغرائب والطرائف.
وفي عام 597هـ -1200م ترك ياقوت تجارة عسكر وفتح دكانا متواضعا بحي الكرخ ينسخ فيه الكتب لمن يقصده من طلاب العلم، وجعل جدران الدكان رفوفا يضع بها ما لديه من الكتب التي اشتراها أثناء رحلاته أو الكتب التي نسخها بيده من مكتبة مسجد الزيدي. وكان في الليل يفرغ للقراءة، وأدرك ياقوت أهمية التمكن من اللغة والأدب والتاريخ والشعر فنظم لنفسه أوقاتا لدراسة اللغة على يد ابن يعيش النحوي، والأدب على يد الأديب اللغوي العُكْبُري. وعندما بلغ ياقوت خمسا وعشرين سنة وتمكن من العلوم المختلفة وشعر أن خبراته الجغرافية قد نضجت عاود السفر مرة أخرى، وعمل في تجارة الكتب، فزار فارس ولقي علماءها وأدباءها وسافر إلى الشام وزار موطنه الأصلي حماة. وزار نيسابور وتزوج هناك ومكث عامين، ولكنه لم يستطع الاستقرار طويلا فعاود السفر وتجارة الكتب مرة أخرى بين مدائن خراسان، ومر بمدينة هراة وسرخس ومرو، وكانت مدينة جميلة، فقرر أن يمكث بها فهي مركز ثقافي هام، وكان ياقوت يختبر ما يسمعه من أخبار عن المدينة فقد سمع مثلا عن أهالي مرو أن هم بخلاء، ولكنه وجدهم ليني الأخلاق، يؤثرون الاقتصاد والاعتدال ويكرهون الإسراف وفي مرو وضع عددا من الكتب، وبدأ في إنجاز مشروعه الكبير لتأليف معجم جغرافي يدون به أسماء
البلدان وما سمعه ورآه عنها محققا أسماءها ذاكرا لموقعها الدقيق مراعيا الدقة والتحقيق ذاكرا خطوط الطول والعرض وموضحا لتاريخها وحكاياتها وأخبارها، وهو: معجم البلدان ومع اجتياح المغول لمرو
هرب ياقوت الحموي إلى الموصل وأنجز بها معجم الأدباء، وسافر بعد ذلك إلى حلب وكان في رعاية واليها الوزير والعالم المؤرخ الطبيب القفطي الذي رحب به وجعل له راتبا من بيت المال وقد كان ياقوت معجبا بالوالي لعلمه فقد قرأ كتبه في بغداد، وقضى ياقوت في حلب خمس سنوات أنهى فيها الكتابة الأولى لمعجم البلدان وكان قد بلغ من العمر خمسة وأربعين عاما.
ويروى أن سبب تأليف ياقوت لهذا المعجم أن سائلا قد سأله عن موضع سوق حُباشة بالضم ولكنه نطقها بالفتح وأصر على صحة نطقه وتحقق ياقوت من صحة نطق الاسم فتأكد من صواب نطقه هو للاسم فقرر أن يضع معجما للبلدان.
وعاود ياقوت السفر مرة أخرى إلى سورية وفلسطين ومصر وكان يودع دائما المعلومات الجديدة التي يجمعها في معجمه فظل يصحح فيه ويضبطه إلى أن حان أجله عام 626هـ -1229م في حلب، وقد طلب من صديقه المؤرخ ابن الأثير أن يضع نسخة من كتابه في مكتبة مسجد الزيدي ببغداد الجامع الذي شهد أولى مراحله التعليمية. وقد طلب القفطي منه أن يختصر المعجم لكنه رفض لاعتقاده أن الاختصار يشوه الكتب ويفقدها الكثير من قيمتها العلمية. ومن أهم مؤلفاته في الجغرافيا: مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع . و المشترك وضعا من أسماء البلدان والمختلف صقعا من الأقاليم . و معجم البلدان . ومن مؤلفاته الأخرى: معجم الأدباء . المقتضب في النسب . أنساب العرب . أخبار المتنبي .
ياقوت الحموي (1178-1228): أديب ومؤلف موسوعات، ولد في مدينة حماة السورية. اشتهر بكتابه "إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب"، الذي جمع فيه أخبار الأدباء إلى أيامه، ورتبهم فيه حسب حروف المعجم، وأشار إلى من اشتغل منهم بالكتابة أو الوراقة أو النسخ أو الشعر. ويعتبر الكتاب موسوعة ضخمة للأدباء. ذكر ياقوت في مقدمته كتب التراجم الكثيرة التي استفاد منها، وتدل القائمة الكبيرة التي ذكرها على أنه علم من أعلام مؤلفي الموسوعات في التاريخ. كما يدل على ذلك أيضاً تأليفه كتاب "معجم البلدان"، وهو موسوعة جغرافية ضخمة تستغرق عدة مجلدات، رتبت هي الأخرى على حروف المعجم.
أميـنة- طالبة أنثروبولوجيا
- عدد الرسائل : 156
تاريخ التسجيل : 30/01/2008
رد: إنتاج الرحالة المسلمون كمادة خام للبحث الانثروبولوجي
القزويني
هو أبو عبد الله بن زكريا بن محمد القزويني الذي ينتهي نسبه إلى عالم المدينة أنس بن مالك.
ولد القزويني على الأرجح عام 605 هـ بقزوين، وتوفي عام 682 هـ، فهو ينتمي إذاً إلى القرن السابع الهجري.
اشتغل القزويني بالقضاء كما ألف العديد من كتب الجغرافيا والتاريخ الطبيعي، وشغف بعلوم الطبيعة والحياة لكن أعظم أعماله شأناً هي نظرياته في علم الرصد الجوي.
من أشهر مؤلفاته
1- عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات: في هذا الكتاب يصف القزويني السماء وما تحتوي من كواكب وأجرام وبروج، وحركات الكواكب الظاهرة وما ينجم عن ذلك من اختلاف فصول السنة كما يتحدث عن الأرض وجبالها وأنهارها، وعن كرة الهواء وعن الرياح ودوراتها، وعن كرة الماء وبحارها وأحيائها، ثم عن اليابسة وما تنبت من نبات وأحياء. وقد رتب كل ذلك ترتيباً أبجدياً ممتازاً.
2- آثار البلاد وأخبار العباد: جعل القزويني لهذا الكتاب ثلاث مقدمات تحدث فيها عن الحاجة إلى إنشاء المدن والقرى كما تحدث عن تاثير البيئة على السكان والحيوان والنبات، وأفرد قسماً من المقدمات للكلام على أقاليم الأرض ويضم الكتاب أخبار الأمم، وتراجم العلماء والسلاطين والأدباء… وأوصاف الزوابع، والتنين الطائر أو نافرة الماء، وغير ذلك من الأخبار المتنوعة.
دعا القزويني إلى التأمل في آيات الله وفي خلقه، وبديع صنعه، تمشياً مع ما أمر به القرآن من النظر، وهو ليس تقليب الحدقة في الموجودات، فإن مثل هذا النظر تشارك المخلوقات كلها فيه، وإنما المراد بالنظر الدراسة والتفكير في المعقولات والنظر في المحسوسات، والبحث عن حكمتها. وكلما أمعن المرء النظر فيها ازداد من الله هداية ويقيناً ونوراً وتحقيقاً. ويقول القزويني أن التفكير في المعقولات أساسه خبرة بالعلوم والرياضيات، بعد تحسين الأخلاق و تهذيب النفس.
من أقواله في الفلك "لننظر إلى الكواكب وكثرتها، واختلاف ألوانها، فإن بعضها يميل إلى الحمرة، وبعضها يميل إلى البياض، وبعضها إلى لون الرصاص. ثم إلى سير الشمس في فلكها مدة سنة ، وطلوعها وغروبها كل يوم لإختلاف الليل والنهار ، ومعرفة الأوقات . ثم إلى جرم القمر وكيفية
اكتسابه النور من الشمس ، ثم الى امتلائه وانمحاقه ، ثم الى كسوف الشمس وخسوف القمر ، ثم الى ما بين السماء والأرض من الشهب والغيوم والرعد والصواعق والأمطار والثلوج والرياح المختلفة المهاب.."
ففي مطلع كتاب "عجائز المخلوقات.." حديث عن الزوبعة يقول فيه:"هي الريح التي تدور على نفسها شبه منارة وأكثر ، تولدها من رياح ترجع من الطبقة الباردة ، فتصادف سحاباً تذروه الرياح المختلفة ، فيحدث من دوران الغيم تدوير الرياح ، فتنزل على تلك الهيأة ، وربما يكون مسلك صدورها مدوراً فيبقى هبوبها كذلك مدوراً كما نشاهد في الشعر المجعد ، فإن جمودته قد تكون لإعوجاج المسام وربما يكون سبب الزوبعة ريحين مختلفي الهبوب ، فإنهما اذا تلاقيا تمنع احداهما الأخرى من الهبوب ، فتحدث بسبب ذلك ريح مستديرة تشبه منارة . وربما وقعت قطعة من الغيم وسط الزوبعة ، فتذروها في الهواء ،فترى شبه تنين يدور في الجو ".
وفي كتاب "آثار البلاد …" يصف القزويني تنيناً ظهر بنواحي حلب فيقول:"….ينساب على الأرض والنار تخرج من فيه ودبره ، والناس يشاهدونه من البعد ، وقد أقبلت سحابة من البحر وتدلت حتى اشتملت عليه وروحته نحو السماء ، وقد لف التنين ذنبه على كلب ورفعه ، والكلب ينبح في الهواء …." فهذا الوصف الذي يعرضه القزويني انما ينطبق ، في قسم منه ، على نافورة الماء كما نسميها في عصرنا ، وهي قمع من السحاب يتدلى على سطح الأرض أو البحر .
وفي مكان آخر من الكتاب يصف القزويني "التنين" بأنه حيوان هائل ، له فلوس كفلوس السمك ، وجناحان عظيمان ….وهكذا كان دوره في كتابات القزويني الذي جعل للخرافات والأوهام حصة وفيرة
هو أبو عبد الله بن زكريا بن محمد القزويني الذي ينتهي نسبه إلى عالم المدينة أنس بن مالك.
ولد القزويني على الأرجح عام 605 هـ بقزوين، وتوفي عام 682 هـ، فهو ينتمي إذاً إلى القرن السابع الهجري.
اشتغل القزويني بالقضاء كما ألف العديد من كتب الجغرافيا والتاريخ الطبيعي، وشغف بعلوم الطبيعة والحياة لكن أعظم أعماله شأناً هي نظرياته في علم الرصد الجوي.
من أشهر مؤلفاته
1- عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات: في هذا الكتاب يصف القزويني السماء وما تحتوي من كواكب وأجرام وبروج، وحركات الكواكب الظاهرة وما ينجم عن ذلك من اختلاف فصول السنة كما يتحدث عن الأرض وجبالها وأنهارها، وعن كرة الهواء وعن الرياح ودوراتها، وعن كرة الماء وبحارها وأحيائها، ثم عن اليابسة وما تنبت من نبات وأحياء. وقد رتب كل ذلك ترتيباً أبجدياً ممتازاً.
2- آثار البلاد وأخبار العباد: جعل القزويني لهذا الكتاب ثلاث مقدمات تحدث فيها عن الحاجة إلى إنشاء المدن والقرى كما تحدث عن تاثير البيئة على السكان والحيوان والنبات، وأفرد قسماً من المقدمات للكلام على أقاليم الأرض ويضم الكتاب أخبار الأمم، وتراجم العلماء والسلاطين والأدباء… وأوصاف الزوابع، والتنين الطائر أو نافرة الماء، وغير ذلك من الأخبار المتنوعة.
دعا القزويني إلى التأمل في آيات الله وفي خلقه، وبديع صنعه، تمشياً مع ما أمر به القرآن من النظر، وهو ليس تقليب الحدقة في الموجودات، فإن مثل هذا النظر تشارك المخلوقات كلها فيه، وإنما المراد بالنظر الدراسة والتفكير في المعقولات والنظر في المحسوسات، والبحث عن حكمتها. وكلما أمعن المرء النظر فيها ازداد من الله هداية ويقيناً ونوراً وتحقيقاً. ويقول القزويني أن التفكير في المعقولات أساسه خبرة بالعلوم والرياضيات، بعد تحسين الأخلاق و تهذيب النفس.
من أقواله في الفلك "لننظر إلى الكواكب وكثرتها، واختلاف ألوانها، فإن بعضها يميل إلى الحمرة، وبعضها يميل إلى البياض، وبعضها إلى لون الرصاص. ثم إلى سير الشمس في فلكها مدة سنة ، وطلوعها وغروبها كل يوم لإختلاف الليل والنهار ، ومعرفة الأوقات . ثم إلى جرم القمر وكيفية
اكتسابه النور من الشمس ، ثم الى امتلائه وانمحاقه ، ثم الى كسوف الشمس وخسوف القمر ، ثم الى ما بين السماء والأرض من الشهب والغيوم والرعد والصواعق والأمطار والثلوج والرياح المختلفة المهاب.."
ففي مطلع كتاب "عجائز المخلوقات.." حديث عن الزوبعة يقول فيه:"هي الريح التي تدور على نفسها شبه منارة وأكثر ، تولدها من رياح ترجع من الطبقة الباردة ، فتصادف سحاباً تذروه الرياح المختلفة ، فيحدث من دوران الغيم تدوير الرياح ، فتنزل على تلك الهيأة ، وربما يكون مسلك صدورها مدوراً فيبقى هبوبها كذلك مدوراً كما نشاهد في الشعر المجعد ، فإن جمودته قد تكون لإعوجاج المسام وربما يكون سبب الزوبعة ريحين مختلفي الهبوب ، فإنهما اذا تلاقيا تمنع احداهما الأخرى من الهبوب ، فتحدث بسبب ذلك ريح مستديرة تشبه منارة . وربما وقعت قطعة من الغيم وسط الزوبعة ، فتذروها في الهواء ،فترى شبه تنين يدور في الجو ".
وفي كتاب "آثار البلاد …" يصف القزويني تنيناً ظهر بنواحي حلب فيقول:"….ينساب على الأرض والنار تخرج من فيه ودبره ، والناس يشاهدونه من البعد ، وقد أقبلت سحابة من البحر وتدلت حتى اشتملت عليه وروحته نحو السماء ، وقد لف التنين ذنبه على كلب ورفعه ، والكلب ينبح في الهواء …." فهذا الوصف الذي يعرضه القزويني انما ينطبق ، في قسم منه ، على نافورة الماء كما نسميها في عصرنا ، وهي قمع من السحاب يتدلى على سطح الأرض أو البحر .
وفي مكان آخر من الكتاب يصف القزويني "التنين" بأنه حيوان هائل ، له فلوس كفلوس السمك ، وجناحان عظيمان ….وهكذا كان دوره في كتابات القزويني الذي جعل للخرافات والأوهام حصة وفيرة
أميـنة- طالبة أنثروبولوجيا
- عدد الرسائل : 156
تاريخ التسجيل : 30/01/2008
رد: إنتاج الرحالة المسلمون كمادة خام للبحث الانثروبولوجي
أحمد فارس الشدياق 1804- 1887
من ألمع الرحالة العرب الذين سافروا إلى أوروبا خلال القرن التاسع عشر. كان الكاتب والصحفي واللغوي والمترجم الذي أصدر أول صحيفة عربية مستقلة بعنوان الجوائب مثقفا لامعا وعقلا صداميا مناوشا أيضاً. تقرير باربرا فنكلر.
كان لهذا الرجل الذي عاصر فيكتور هوغو وغوستاف فلوبير وإدغر ألن بو وشارل ديكنس اتصالات بمستشرقين ومثقفين أوروبيين وكذلك بمفكرين إصلاحيين عرب. وكمتمكن بارع في اللغة العربية، متمرس بفن البلاغة وبدقائق القاموس اللغوي، فقد كان في الوقت ذاته أحد أهم مجدديها.
ساهم مساهمة فعّالة في تطوير لغة صحفية حديثة منقّاة من البلاغة الزائدة. وصقل العديد من المصطلحات الحديثة مثل عبارة الإشتراكية التي أضافها إلى اللغة العربية. لقد عاش الشدياق حياة مليئة بالحركة على نحو خارق للعادة التي سنورد هنا بعضاً من جوانبهاعلى سبيل الذكر لا الحصر.
حياته
ولد فارس الشدياق في بلدة عشقوت في لبنان، من الديانة المارونية وتحول إلى البروتستانتية، الأمر الذي كان يعد في ذلك الزمن عملا لا يخلو من المخاطر، وقد مات أخوه مسجوناً لدى المارونيين بسبب ذلك.
وجد الشدياق نفسه إذاً مجبرا على الرحيل إلى القاهرة سنة 1825. وعمل ابتداء من سنة 1834 مدرسا لدى البعثة الكهنوتية (البريسبيتريانية) الأميركية ومصححا صحفيا في مالطة لمدة 14 سنة. وفي سنة 1848 تلقى دعوة من الجمعية اللندنية لنشر الإنجيل للقدوم إلى لندن من أجل المشاركة في ترجمة الكتاب المقدس إلى اللغة العربية، فانتقل ليقيم في أماكن مختلفة ببريطانيا وكذلك بباريس.
طلق زوجته المصرية ليتزوج بامرأة بريطانية، الأمر الذي مكنه من الحصول على حماية القنصلية البريطانية. وفي سنة 1857 انتقل للإقامة في تونس واعتنق الديانة الإسلامية، قد يكون ذلك بدافع تسهيل الحصول على وظيفة في إدارة السلطنة العثمانية . وبالفعل فقد دعي من طرف السلطان إلى إسطنبول سنة 1860.
إلى أي حد يستعصي تصنيف الشدياق، يتضح من الظروف التي حفت بدفنه. فبعد وفاته حصل خلاف بين الطوائف الدينية التي كانت تتنازع على أحقية تولي شؤون جنازته. وبالنهاية تم التوصل إلى اتفاق على دفنه بعد صلاة متعددة الديانات في موقع يتوسط المنطقتين المسيحية والدرزية من جبل لبنان.
كان لهذا الرجل الذي عاصر فيكتور هوغو وغوستاف فلوبير وإدغر ألن بو وشارل ديكنس اتصالات بمستشرقين ومثقفين أوروبيين وكذلك بمفكرين إصلاحيين عرب. وكمتمكن بارع في اللغة العربية، متمرس بفن البلاغة وبدقائق القاموس اللغوي، فقد كان في الوقت ذاته أحد أهم مجدديها.
ساهم مساهمة فعّالة في تطوير لغة صحفية حديثة منقّاة من البلاغة الزائدة. وصقل العديد من المصطلحات الحديثة مثل عبارة الإشتراكية التي أضافها إلى اللغة العربية. لقد عاش الشدياق حياة مليئة بالحركة على نحو خارق للعادة التي سنورد هنا بعضاً من جوانبهاعلى سبيل الذكر لا الحصر.
حياته
ولد فارس الشدياق في بلدة عشقوت في لبنان، من الديانة المارونية وتحول إلى البروتستانتية، الأمر الذي كان يعد في ذلك الزمن عملا لا يخلو من المخاطر، وقد مات أخوه مسجوناً لدى المارونيين بسبب ذلك.
وجد الشدياق نفسه إذاً مجبرا على الرحيل إلى القاهرة سنة 1825. وعمل ابتداء من سنة 1834 مدرسا لدى البعثة الكهنوتية (البريسبيتريانية) الأميركية ومصححا صحفيا في مالطة لمدة 14 سنة. وفي سنة 1848 تلقى دعوة من الجمعية اللندنية لنشر الإنجيل للقدوم إلى لندن من أجل المشاركة في ترجمة الكتاب المقدس إلى اللغة العربية، فانتقل ليقيم في أماكن مختلفة ببريطانيا وكذلك بباريس.
طلق زوجته المصرية ليتزوج بامرأة بريطانية، الأمر الذي مكنه من الحصول على حماية القنصلية البريطانية. وفي سنة 1857 انتقل للإقامة في تونس واعتنق الديانة الإسلامية، قد يكون ذلك بدافع تسهيل الحصول على وظيفة في إدارة السلطنة العثمانية . وبالفعل فقد دعي من طرف السلطان إلى إسطنبول سنة 1860.
إلى أي حد يستعصي تصنيف الشدياق، يتضح من الظروف التي حفت بدفنه. فبعد وفاته حصل خلاف بين الطوائف الدينية التي كانت تتنازع على أحقية تولي شؤون جنازته. وبالنهاية تم التوصل إلى اتفاق على دفنه بعد صلاة متعددة الديانات في موقع يتوسط المنطقتين المسيحية والدرزية من جبل لبنان.
رحلاته وأعماله
تتميز التجارب والانطباعات الأوروبية لفارس الشدياق بامتداد وعمق يتجاوزان إلى حد بعيد ما كان لغيره من الرحالة الآخرين. تنقل الشدياق، ضمن مختلف المهام التي كلف بها- أو في بحثه عن وظيفة ما- بين بلدان عديدة وفي ظروف مادية ومعنوية عسيرة في أغلب الأحيان.
وكانت تنقلاته تختلف كليا مثلا عن رحلة رفاعة رافع الطهطاوي الشيخ الأزهري والموظف الحكومي لاحقا، الذي جاءت إقامته في باريس ضمن إطار بعثة دراسية رسمية.
وخلافا للتقرير ذي الصبغة التوثيقية العملية لهذا الأخير جاء كتاب الشدياق الصادر سنة 1885 تحت عنوان "الساق على الساق في معرفة الفارياق " ذا طابع أدبي، وبالتالي فهو لا يعتبر وثائقياً صرفا. فقد جاء هذا العمل المهول الذي يقع في حوالي 700صفحة مقسماً إلى أربعة أجزاء قد ركز آخرها بصفة خاصة على فترة الإقامة في أوروبا، في هيئة نص يتنقل بين مختلف الأصناف الأدبية: لا هو بالرحلة في مفهومها التقليدي، ولا هو بالسيرة الذاتية الحقيقية ولا هو بالدراسة القاموسية الصرف، بل كل هذا معا.
يعرض هذا النص الذي يصور حياة بطله المسمى "الفارياق"( وهم إسم خيالي مصاغ من توليفة لشطري إسم الكاتب ولقبه كما يمكن للمرء أن يتبين ذلك بسهولة) في الوقت نفسه مناقشات فلسفية واجتماعية ووصف للأماكن التي مر بها إلى جانب تداعيات التعليقات اللغوية والأدبية.
وقد وردت الموضوعات المتنوعة لهذا العمل مصاغة غالبا في شكل نقاشات سجالية بين الفارياق والفارياقة، زوجته الذكية المثقفة والواعية. وقد جاء هذا التصوير النقدي الذي يتناول المنجزات الجديدة وكذلك الجوانب السلبية للحضارة الأوروبية الحديثة ومن ضمنها الأوضاع الاجتماعية في أوروبا أيام الثورة الصناعية، ينضح سخرية، من الآخر ومن الذات على حد سواء.
فرنسا وإنكلترا في أعماله
والجدير بالذكر هنا هو أن الشدياق لم يتناول أوروبا ككتلة متجانسة، بل كان يفرق بين بلد وآخر، وطبقة اجتماعية وأخرى. مقارنة بفرنسا تبدو بريطانيا في كتاباته أفضل منزلة: ولئن كان الشدياق لا يتردد في انتقاد المعاملات التي يراها ذات غايات ربحية، والافتقار إلى آداب معيشية وإلى التعبير التلقائي عن المشاعر وانعدام قيم الكرم والضيافة، فإن انطباعه العام يظل مع ذلك إيجابيا.
كانت إنكلترا بلده المضيف الأول، وقد حظي هناك بموقع جيد، بل ولعله قد تبنى أيضا بعض الأحكام المسبقة التي يغذيها الإنكليز ضد الفرنسيين. ينوه الشدياق بصدق الإنكليز ومصداقيتهم ووفائهم وكذلك المعاملات المتحررة بين الجنسين.
تتميز التجارب والانطباعات الأوروبية لفارس الشدياق بامتداد وعمق يتجاوزان إلى حد بعيد ما كان لغيره من الرحالة الآخرين. تنقل الشدياق، ضمن مختلف المهام التي كلف بها- أو في بحثه عن وظيفة ما- بين بلدان عديدة وفي ظروف مادية ومعنوية عسيرة في أغلب الأحيان.
وكانت تنقلاته تختلف كليا مثلا عن رحلة رفاعة رافع الطهطاوي الشيخ الأزهري والموظف الحكومي لاحقا، الذي جاءت إقامته في باريس ضمن إطار بعثة دراسية رسمية.
وخلافا للتقرير ذي الصبغة التوثيقية العملية لهذا الأخير جاء كتاب الشدياق الصادر سنة 1885 تحت عنوان "الساق على الساق في معرفة الفارياق " ذا طابع أدبي، وبالتالي فهو لا يعتبر وثائقياً صرفا. فقد جاء هذا العمل المهول الذي يقع في حوالي 700صفحة مقسماً إلى أربعة أجزاء قد ركز آخرها بصفة خاصة على فترة الإقامة في أوروبا، في هيئة نص يتنقل بين مختلف الأصناف الأدبية: لا هو بالرحلة في مفهومها التقليدي، ولا هو بالسيرة الذاتية الحقيقية ولا هو بالدراسة القاموسية الصرف، بل كل هذا معا.
يعرض هذا النص الذي يصور حياة بطله المسمى "الفارياق"( وهم إسم خيالي مصاغ من توليفة لشطري إسم الكاتب ولقبه كما يمكن للمرء أن يتبين ذلك بسهولة) في الوقت نفسه مناقشات فلسفية واجتماعية ووصف للأماكن التي مر بها إلى جانب تداعيات التعليقات اللغوية والأدبية.
وقد وردت الموضوعات المتنوعة لهذا العمل مصاغة غالبا في شكل نقاشات سجالية بين الفارياق والفارياقة، زوجته الذكية المثقفة والواعية. وقد جاء هذا التصوير النقدي الذي يتناول المنجزات الجديدة وكذلك الجوانب السلبية للحضارة الأوروبية الحديثة ومن ضمنها الأوضاع الاجتماعية في أوروبا أيام الثورة الصناعية، ينضح سخرية، من الآخر ومن الذات على حد سواء.
فرنسا وإنكلترا في أعماله
والجدير بالذكر هنا هو أن الشدياق لم يتناول أوروبا ككتلة متجانسة، بل كان يفرق بين بلد وآخر، وطبقة اجتماعية وأخرى. مقارنة بفرنسا تبدو بريطانيا في كتاباته أفضل منزلة: ولئن كان الشدياق لا يتردد في انتقاد المعاملات التي يراها ذات غايات ربحية، والافتقار إلى آداب معيشية وإلى التعبير التلقائي عن المشاعر وانعدام قيم الكرم والضيافة، فإن انطباعه العام يظل مع ذلك إيجابيا.
كانت إنكلترا بلده المضيف الأول، وقد حظي هناك بموقع جيد، بل ولعله قد تبنى أيضا بعض الأحكام المسبقة التي يغذيها الإنكليز ضد الفرنسيين. ينوه الشدياق بصدق الإنكليز ومصداقيتهم ووفائهم وكذلك المعاملات المتحررة بين الجنسين.
وقد حظيت النساء بتنويه خاص من طرفه: فهن في إنكلترا، حسب قوله، متواضعات وفيات ونقيات. أما فرنسا فوصف نساءها بالافتقار إلى الطهارة – وكذلك الحالة البائسة للشوارع وتدهور النظافة والقيم الأخلاقية. فالفرنسيات في نظره يحبذن استعراض مفاتنهن ومستبدات تجاه الرجال كما أنهن يطلبن نمط عيش مكلف جدا.
يفيض الكاتب في التنويه بتنظيم مجالات الحياة العامة في إنكلترا؛ الجميع يتمتعون بنفس الحقوق، ولا وجود لأي نوع من التعسف من طرف الحكام. وفي كتاب آخر صدر سنة 1867 بعنوان "كشف المخبّأ في فنون أوروبا" ، وهو كتاب رحلة من النوع التقليدي، قدم الشدياق صورة إيجابية عن فرنسا كأمة ذات حضارة تتمتع بنمط عيش متحضر.
لقد كان الشدياق دون شك مثقفا محباً للمواجهة لا يبتعد عن أي نوع من المحرمات: انتقادات إنجيلية، تصويرات شهوانية مثيرة، الدفاع عن حقوق المرأة وعن الفصل بين الدين والدولة، بالإضافة إلى انتقادات لاذعة للإكليروس اللبناني ولكبار الملاّك والطائفية؛ كل ذلك كان مستفزاً للغاية في ذلك الزمن - وما يزال جزئياً إلى يومنا هذا.
ولعل بقاء الشدياق مغمورا لا يحظى بما يستحق من التقدير، يعود إلى هذا الطابع الصدامي الاستفزازي. وحتى الآن ما يزال هذا العمل الجامع الذي خلفه لا يحظى بما يليق به
يفيض الكاتب في التنويه بتنظيم مجالات الحياة العامة في إنكلترا؛ الجميع يتمتعون بنفس الحقوق، ولا وجود لأي نوع من التعسف من طرف الحكام. وفي كتاب آخر صدر سنة 1867 بعنوان "كشف المخبّأ في فنون أوروبا" ، وهو كتاب رحلة من النوع التقليدي، قدم الشدياق صورة إيجابية عن فرنسا كأمة ذات حضارة تتمتع بنمط عيش متحضر.
لقد كان الشدياق دون شك مثقفا محباً للمواجهة لا يبتعد عن أي نوع من المحرمات: انتقادات إنجيلية، تصويرات شهوانية مثيرة، الدفاع عن حقوق المرأة وعن الفصل بين الدين والدولة، بالإضافة إلى انتقادات لاذعة للإكليروس اللبناني ولكبار الملاّك والطائفية؛ كل ذلك كان مستفزاً للغاية في ذلك الزمن - وما يزال جزئياً إلى يومنا هذا.
ولعل بقاء الشدياق مغمورا لا يحظى بما يستحق من التقدير، يعود إلى هذا الطابع الصدامي الاستفزازي. وحتى الآن ما يزال هذا العمل الجامع الذي خلفه لا يحظى بما يليق به
أميـنة- طالبة أنثروبولوجيا
- عدد الرسائل : 156
تاريخ التسجيل : 30/01/2008
رد: إنتاج الرحالة المسلمون كمادة خام للبحث الانثروبولوجي
ابن خلدون
عبد الرحمن بن محمد بن خلدون المؤرخ الشهير ورائد علم الاجتماع الحديث الذي ترك تراثا مازال تأثيره ممتدا حتى اليوم. ولد في تونس عام 1332 وعاش في اقطار (شمال إفريقيا) و كانت أسرة ابن خلدون و التي تنحدر من أصول عربية كما ذكر في كتاباته أسرة ذات نفوذ في إشبيلية في الأندلس. هاجر بنو خلدون إلى تونس التي كانت تحت حكم الحفصيين.
يعد من كبار العلماء الذين انجتبهم شمال افريقيا، اذ قدم نظريات كثيرة جديدة في علمي الاجتماع والتاريخ ، بشكل خاص في كتابيه : العبر والمقدمة. وقد عمل في التدريس في بلاد المغرب ، بجامعة القرويين في فاس ،ثم في الجامع الازهر في القاهرة ، والمدرسة الظاهرية، وغيرها من محافل المعرفة التي كثرت في ارجاء العالم الاسلامي المختلفة خلال القرن الرابع عشر نظراً لحض الدين الإسلامي الحنيف للناس على طلب العلم. وقد عمل ابن خلدون في مجال القضاء أكثر من مرة ، وحاول تحقيق العدالة الاجتماعية في الاحكام التي اصدرها .
امتاز ابن خلدون بسعة اطلاعه على ما كتبه الأقدمون وعلى أحوال البشر وقدرته على استعراض الآراء ونقدها، ودقة الملاحظة مع حرية في التفكير وإنصاف أصحاب الآراء المخالفة لرأيه. وقد كان لخبرته في الحياة السياسية والإدارية وفي القضاء، إلى جانب أسفاره الكثيرة في شمالي إفريقية وغربيها إلى مصر والحجاز والشام، أثر بالغ في موضوعية وعلمية كتاباته عن التاريخ وملاحظاته يرى ابن خلدون (ت 808هـ، 1406م) في المقدمة أن الفلسفة من العلوم التي استحدثت مع انتشار العمران، وأنها كثيرة في المدن ويعرِّفها قائلاً: ¸بأن قومًا من عقلاء النوع الإنساني زعموا أن الوجود كله، الحسي منه وما وراء الحسي، تُدرك أدواته وأحواله، بأسبابها وعللها، بالأنظار الفكرية والأقيسة العقلية وأن تصحيح العقائد الإيمانية من قِبَل النظر لا من جهة السمع فإنها بعض من مدارك العقل، وهؤلاء يسمون فلاسفة جمع فيلسوف، وهو باللسان اليوناني محب الحكمة. فبحثوا عن ذلك وشمروا له وحوَّموا على إصابة الغرض منه ووضعوا قانونًا يهتدي به العقل في نظره إلى التمييز بين الحق والباطل وسموه بالمنطق.· ويحذّر ابن خلدون الناظرين في هذا العلم من دراسته قبل الاطلاع على الشرعيات من التفسير والفقه، فيقول: ¸وليكن نظر من ينظر فيها بعد الامتلاء من الشرعيات والاطلاع على التفسير والفقه ولا يُكبَّنَّ أحدٌ عليها وهو خِلْو من علوم الملة فقلَّ أن يَسلَمَ لذلك من معاطبها·.
ولعل ابن خلدون وابن رشد اتفقا على أن البحث في هذا العلم يستوجب الإلمام بعلوم الشرع حتى لا يضل العقل ويتوه في مجاهل الفكر المجرد لأن الشرع يرد العقل إلى البسيط لا إلى المعقد وإلى التجريب لا إلى التجريد.
من هنا كانت نصيحة هؤلاء العلماء إلى دارسي الفلسفة أن يعرفوا الشرع والنقل قبل أن يُمعنوا في التجريد العقلي.
كثير من الكتاب الغربيين وصفو سرد أبن خلدون للتاريخ بانة أول سرد لا ديني للتاريخ ، وهو لة تقدير كبير عندهم.
ربما تكون ترجمة حياة ابن خلدون من أكثر ترجمات شخصيات التاريخ الإسلامي توثيقا بسبب المؤلف الذي وضعه ابن خلدون ليؤرخ لحياته و تجاربه و دعاه التعريف بابن خلدون ورحلته شرقا و غربا ، تحدث ابن خلدون في هذا الكتاب عن الكثير من تفاصيل حياته المهنية في مجال السياسة و التأليف و الرحلات لكنه لم يضمنها كثيرا تفاصيل حياته الشخصية و العائلية .
كان المغرب أيام ابن خلدون بعد سقوط دولة |الموحدين الامازيغية تحكمه ثلاثة أسر : المغرب كان تحت سيطرة المرينيين الامازيغ أيضا (1196 - 1464 )، غرب الجزائر كان تحت سيطرة آل عبد الودود (1236 - 1556 )، تونس و شرقي الجزائر و برقة تحت سيطرة الحفصيين (1228 - 1574 ). التصارع بين هذه الدول الثلاث كان على أشده للسيطرة ما أمكن على أراضي الشمال الإفريقي
كان ابن خلدون دبلوماسياً حكيماً ايضاً . وقد أُرسل في أكثر من وظيفة دبلوماسية لحل النزاعات بين زعماء الدول : مثلاً ، عينه السلطان محمد بن الاحمر سفيراً له إلى امير قشتالة للتوصل لعقد صلح بينهما .. وبعد ذلك بأعوام استعان به اهل دمشق لطلب الامان من الحاكم المغولي القاسي تيمورلنك ، وتم اللقاء بينهما . ونحن في الصفحات التالية نقتطف ايضاً وصف ابن خلدون لذلك اللقاء في مذكراته. اذ يصف ما رآه من طباع الطاغية ، ووحشيته في التعامل مع المدن التي يفتحها ، ويقدم تقييماً متميزاً لكل ما شاهد في رسالة خطهالملك المغرب. الخصال الاسلامية لشخصية ابن خلدون ، اسلوبه الحكيم في التعامل مع تيمور لنك مثلاً، وذكائه وكرمه ، وغيرها من الصفات التي ادت في نهاية المطاف لنجاته من هذه المحنة، تجعل من التعريف عملاً متميزاً عن غيره من نصوص ادب المذكرات العربية والعالمية. فنحن نرى هنا الملامح الاسلامية لعالم كبير واجه المحن بصبر وشجاعة وذكاء ولباقة.
وتوفي في مصر عام 1406، و دفن في مقابر الصوفية عند باب النصر شمال القاهرة
عبد الرحمن بن محمد بن خلدون المؤرخ الشهير ورائد علم الاجتماع الحديث الذي ترك تراثا مازال تأثيره ممتدا حتى اليوم. ولد في تونس عام 1332 وعاش في اقطار (شمال إفريقيا) و كانت أسرة ابن خلدون و التي تنحدر من أصول عربية كما ذكر في كتاباته أسرة ذات نفوذ في إشبيلية في الأندلس. هاجر بنو خلدون إلى تونس التي كانت تحت حكم الحفصيين.
يعد من كبار العلماء الذين انجتبهم شمال افريقيا، اذ قدم نظريات كثيرة جديدة في علمي الاجتماع والتاريخ ، بشكل خاص في كتابيه : العبر والمقدمة. وقد عمل في التدريس في بلاد المغرب ، بجامعة القرويين في فاس ،ثم في الجامع الازهر في القاهرة ، والمدرسة الظاهرية، وغيرها من محافل المعرفة التي كثرت في ارجاء العالم الاسلامي المختلفة خلال القرن الرابع عشر نظراً لحض الدين الإسلامي الحنيف للناس على طلب العلم. وقد عمل ابن خلدون في مجال القضاء أكثر من مرة ، وحاول تحقيق العدالة الاجتماعية في الاحكام التي اصدرها .
امتاز ابن خلدون بسعة اطلاعه على ما كتبه الأقدمون وعلى أحوال البشر وقدرته على استعراض الآراء ونقدها، ودقة الملاحظة مع حرية في التفكير وإنصاف أصحاب الآراء المخالفة لرأيه. وقد كان لخبرته في الحياة السياسية والإدارية وفي القضاء، إلى جانب أسفاره الكثيرة في شمالي إفريقية وغربيها إلى مصر والحجاز والشام، أثر بالغ في موضوعية وعلمية كتاباته عن التاريخ وملاحظاته يرى ابن خلدون (ت 808هـ، 1406م) في المقدمة أن الفلسفة من العلوم التي استحدثت مع انتشار العمران، وأنها كثيرة في المدن ويعرِّفها قائلاً: ¸بأن قومًا من عقلاء النوع الإنساني زعموا أن الوجود كله، الحسي منه وما وراء الحسي، تُدرك أدواته وأحواله، بأسبابها وعللها، بالأنظار الفكرية والأقيسة العقلية وأن تصحيح العقائد الإيمانية من قِبَل النظر لا من جهة السمع فإنها بعض من مدارك العقل، وهؤلاء يسمون فلاسفة جمع فيلسوف، وهو باللسان اليوناني محب الحكمة. فبحثوا عن ذلك وشمروا له وحوَّموا على إصابة الغرض منه ووضعوا قانونًا يهتدي به العقل في نظره إلى التمييز بين الحق والباطل وسموه بالمنطق.· ويحذّر ابن خلدون الناظرين في هذا العلم من دراسته قبل الاطلاع على الشرعيات من التفسير والفقه، فيقول: ¸وليكن نظر من ينظر فيها بعد الامتلاء من الشرعيات والاطلاع على التفسير والفقه ولا يُكبَّنَّ أحدٌ عليها وهو خِلْو من علوم الملة فقلَّ أن يَسلَمَ لذلك من معاطبها·.
ولعل ابن خلدون وابن رشد اتفقا على أن البحث في هذا العلم يستوجب الإلمام بعلوم الشرع حتى لا يضل العقل ويتوه في مجاهل الفكر المجرد لأن الشرع يرد العقل إلى البسيط لا إلى المعقد وإلى التجريب لا إلى التجريد.
من هنا كانت نصيحة هؤلاء العلماء إلى دارسي الفلسفة أن يعرفوا الشرع والنقل قبل أن يُمعنوا في التجريد العقلي.
كثير من الكتاب الغربيين وصفو سرد أبن خلدون للتاريخ بانة أول سرد لا ديني للتاريخ ، وهو لة تقدير كبير عندهم.
ربما تكون ترجمة حياة ابن خلدون من أكثر ترجمات شخصيات التاريخ الإسلامي توثيقا بسبب المؤلف الذي وضعه ابن خلدون ليؤرخ لحياته و تجاربه و دعاه التعريف بابن خلدون ورحلته شرقا و غربا ، تحدث ابن خلدون في هذا الكتاب عن الكثير من تفاصيل حياته المهنية في مجال السياسة و التأليف و الرحلات لكنه لم يضمنها كثيرا تفاصيل حياته الشخصية و العائلية .
كان المغرب أيام ابن خلدون بعد سقوط دولة |الموحدين الامازيغية تحكمه ثلاثة أسر : المغرب كان تحت سيطرة المرينيين الامازيغ أيضا (1196 - 1464 )، غرب الجزائر كان تحت سيطرة آل عبد الودود (1236 - 1556 )، تونس و شرقي الجزائر و برقة تحت سيطرة الحفصيين (1228 - 1574 ). التصارع بين هذه الدول الثلاث كان على أشده للسيطرة ما أمكن على أراضي الشمال الإفريقي
كان ابن خلدون دبلوماسياً حكيماً ايضاً . وقد أُرسل في أكثر من وظيفة دبلوماسية لحل النزاعات بين زعماء الدول : مثلاً ، عينه السلطان محمد بن الاحمر سفيراً له إلى امير قشتالة للتوصل لعقد صلح بينهما .. وبعد ذلك بأعوام استعان به اهل دمشق لطلب الامان من الحاكم المغولي القاسي تيمورلنك ، وتم اللقاء بينهما . ونحن في الصفحات التالية نقتطف ايضاً وصف ابن خلدون لذلك اللقاء في مذكراته. اذ يصف ما رآه من طباع الطاغية ، ووحشيته في التعامل مع المدن التي يفتحها ، ويقدم تقييماً متميزاً لكل ما شاهد في رسالة خطهالملك المغرب. الخصال الاسلامية لشخصية ابن خلدون ، اسلوبه الحكيم في التعامل مع تيمور لنك مثلاً، وذكائه وكرمه ، وغيرها من الصفات التي ادت في نهاية المطاف لنجاته من هذه المحنة، تجعل من التعريف عملاً متميزاً عن غيره من نصوص ادب المذكرات العربية والعالمية. فنحن نرى هنا الملامح الاسلامية لعالم كبير واجه المحن بصبر وشجاعة وذكاء ولباقة.
وتوفي في مصر عام 1406، و دفن في مقابر الصوفية عند باب النصر شمال القاهرة
أميـنة- طالبة أنثروبولوجيا
- عدد الرسائل : 156
تاريخ التسجيل : 30/01/2008
رد: إنتاج الرحالة المسلمون كمادة خام للبحث الانثروبولوجي
رفاعة رافع الطهطاوي
ولد رفاعة رافع الطهطاوي في سنة 1216هـ /1801م في ناحية طهطا، إحدى نواحي محافظة سوهاج بصعيد مصر، ونسب إلى قريته،وقد نشأ في أسرة كريمة الأصل شريفة النسب، فأبوه ينتهي نسبه إلى الحسين بن علي بن أبي طالب. وأمه فاطمة بنت الشيخ أحمد الفرغلي، ينتهي نسبها إلى قبيلة الخزرج، وفي القرية درس في الكتاب علوم الشرع والحساب الأولية فقد لقي رفاعة عناية من أبيه، على الرغم من تنقله بين عدة بلاد في صعيد مصر، فحفظ القرآن الكريم، ثم رجع إلى موطنه طهطا بعد أن توفي والده. ووجد من أسرة أخواله اهتماما كبيرا حيث كانت زاخرة بالشيوخ والعلماء فحفظ على أيديهم المتون التي كانت متداولة في هذا العصر، وقرأ عليهم شيئا من الفقه والنحو.
يعتبر كتاب رفاعة رافع الطهطاوي الذي يروي فيه انطباعاته عن باريس من أشهر كتب الرحلات العربية
أزهري يزور أوروبا في القرن التاسع عشر
يقدم الطهطاوي في كتابه أول وصف عربي حديث لبلد أوروبي ويتحدث فيه عن مفهومه للإصلاح. تقرير باربرا فنكلر.
لم يكن الأوروبيون وحدهم في القرن التاسع عشر مولعين بالسفر إلى الشرق.
بل ارتفع أيضاً عدد المسافرين من الشرق إلى أوروبا. وفي تلك الحقبة كان السفر إلى أوروبا يعني عادةً السفر إلى باريس، التي كان يعتبرها في تلك الأيام كل من العرب والأوروبين
"عاصمة القرن التاسع عشر".
كما تنوّعت أهداف الرحلات وأسبابها. في البدء كان يُرسل من مصر شبّان ضمن بعثات دراسية، وكان الآخرون يدعون كمعلمي لغة أو مترجمين، وفيما بعد أصبح الهدف من السفر إلى أوروبا زيارة معرض عالمي ما أو مؤتمر للمستشرقين.
وقد قامت مجموعة من هؤلاء الرحالة بتدوين تجاربهم وانطباعاتهم.
غالبًا ما كانت تهدف هذه التقارير، إلى تمكين أبناء البلاد من الاطلاع على المعارف المكتسبة في أوروبا والحث علىالقيام بالمثل والمساهمة من خلال ذلك في دفع عجلة التطور في البلاد. وكان الشيخ الأزهري المصري رفاعة رافع الطهطاوي (1801-1873) قد ألف أشهر الكتب وأقدمها بين كتب الرحلات هذه.
مسلم يكتشف أوروبا
ففي عام 1834 صدر كتابه تحت العنوان الذي صيغ صياغة نثرية موزونة، كانت مألوفة في تلك الحقبة مما يجعل ترجمته شبه مستحيلة: "تخليص الإبريز في تلخيص باريز".
يتحدّث الطهطاوي في كتابه الذي تُرجم إلى الألمانية تحت عنوان "مسلم يكتشف أوروبا"، عن الانطباعات التي تركتها في نفسه إقامته في باريس، حيث كان من عام 1826 حتى عام 1831 إمامًا للبعثة الطلابية الأولى التي أرسلت من قبل محمد علي من أجل التحصيل العلمي في فرنسا.
كانت مصر تمر في مرحلة تحوّل. إذ وجد المصريون أنفسهم، منذ حملة نابليون على مصر في عام 1798 وما تلتها من فترة احتلال استمرّت ثلاثة أعوام، يواجهون تفوّق الأوروبيين البارز عليهم - وخصوصا في المجال العسكري-التقني والذي كان لا بدّ من تجاوزه.
فهكذا كانت تقضي التخطيطات المصرية، بأن يستبدل الخبراء الفرنسييين الذين جلبوا للعمل في مصر بالمصريين الذين درسوا في باريس. وعلاوة على ذلك بدت فرنسا باعتبارها دولة تُطبّق فيها العلمانية إلى أبعد الحدود، أقل "خطورة" بالنسبة للمسلمين.
وبعد ما بقي العرب طيلة قرون خلت، لا يعبأون بأوروبا "المتخلفة"، جاء كتاب الطهطاوي ليقدّم أول وصف عربي حديث لبلد أوروبي.
كان من المفترض لهذا الكتاب، الذي صيغ في لهجة موضوعية رزينة، أن يكون دليل سفر عملي، ممتع ومسل وتعليمي يحض على العمل بالمثل.
ينقل الطهطاوي في الكثير من مواضع كتابه، وبفعل تحمسه للعلوم الفرنسية، والنظام التربوي وما حققه الفرنسيون من نجاحات علمية، صورة مثالية عن فرنسا مفادها أن "كل الفرنسيين" كانوا يجيدون الكتابة والقراءة، وكانوا يمتلكون مكتبة ويتمتعون بروح البحث العلمي.
رائد من رواد النهضة
يصف الطهطاوي النظام السياسي الجمهوري وصفًا إيجابيًا، بيد أنه ينوّه إلى أن كل شيء منظّم في الإسلام بشكل حسن.
كان رفاعة الطهطاوي، المولود في مدينة طهطا في صعيد مصر كإبن لأسرة وجيهة، رائدًا من روّاد النهضة العربية. لم تُهيّئه دراسته في جامعة الأزهر في القاهرة مع موادها التعليمية الدينية التقليدية، للقيام بهذا الدور.
لم يكن الأوروبيون وحدهم في القرن التاسع عشر مولعين بالسفر إلى الشرق.
بل ارتفع أيضاً عدد المسافرين من الشرق إلى أوروبا. وفي تلك الحقبة كان السفر إلى أوروبا يعني عادةً السفر إلى باريس، التي كان يعتبرها في تلك الأيام كل من العرب والأوروبين
"عاصمة القرن التاسع عشر".
كما تنوّعت أهداف الرحلات وأسبابها. في البدء كان يُرسل من مصر شبّان ضمن بعثات دراسية، وكان الآخرون يدعون كمعلمي لغة أو مترجمين، وفيما بعد أصبح الهدف من السفر إلى أوروبا زيارة معرض عالمي ما أو مؤتمر للمستشرقين.
وقد قامت مجموعة من هؤلاء الرحالة بتدوين تجاربهم وانطباعاتهم.
غالبًا ما كانت تهدف هذه التقارير، إلى تمكين أبناء البلاد من الاطلاع على المعارف المكتسبة في أوروبا والحث علىالقيام بالمثل والمساهمة من خلال ذلك في دفع عجلة التطور في البلاد. وكان الشيخ الأزهري المصري رفاعة رافع الطهطاوي (1801-1873) قد ألف أشهر الكتب وأقدمها بين كتب الرحلات هذه.
مسلم يكتشف أوروبا
ففي عام 1834 صدر كتابه تحت العنوان الذي صيغ صياغة نثرية موزونة، كانت مألوفة في تلك الحقبة مما يجعل ترجمته شبه مستحيلة: "تخليص الإبريز في تلخيص باريز".
يتحدّث الطهطاوي في كتابه الذي تُرجم إلى الألمانية تحت عنوان "مسلم يكتشف أوروبا"، عن الانطباعات التي تركتها في نفسه إقامته في باريس، حيث كان من عام 1826 حتى عام 1831 إمامًا للبعثة الطلابية الأولى التي أرسلت من قبل محمد علي من أجل التحصيل العلمي في فرنسا.
كانت مصر تمر في مرحلة تحوّل. إذ وجد المصريون أنفسهم، منذ حملة نابليون على مصر في عام 1798 وما تلتها من فترة احتلال استمرّت ثلاثة أعوام، يواجهون تفوّق الأوروبيين البارز عليهم - وخصوصا في المجال العسكري-التقني والذي كان لا بدّ من تجاوزه.
فهكذا كانت تقضي التخطيطات المصرية، بأن يستبدل الخبراء الفرنسييين الذين جلبوا للعمل في مصر بالمصريين الذين درسوا في باريس. وعلاوة على ذلك بدت فرنسا باعتبارها دولة تُطبّق فيها العلمانية إلى أبعد الحدود، أقل "خطورة" بالنسبة للمسلمين.
وبعد ما بقي العرب طيلة قرون خلت، لا يعبأون بأوروبا "المتخلفة"، جاء كتاب الطهطاوي ليقدّم أول وصف عربي حديث لبلد أوروبي.
كان من المفترض لهذا الكتاب، الذي صيغ في لهجة موضوعية رزينة، أن يكون دليل سفر عملي، ممتع ومسل وتعليمي يحض على العمل بالمثل.
ينقل الطهطاوي في الكثير من مواضع كتابه، وبفعل تحمسه للعلوم الفرنسية، والنظام التربوي وما حققه الفرنسيون من نجاحات علمية، صورة مثالية عن فرنسا مفادها أن "كل الفرنسيين" كانوا يجيدون الكتابة والقراءة، وكانوا يمتلكون مكتبة ويتمتعون بروح البحث العلمي.
رائد من رواد النهضة
يصف الطهطاوي النظام السياسي الجمهوري وصفًا إيجابيًا، بيد أنه ينوّه إلى أن كل شيء منظّم في الإسلام بشكل حسن.
كان رفاعة الطهطاوي، المولود في مدينة طهطا في صعيد مصر كإبن لأسرة وجيهة، رائدًا من روّاد النهضة العربية. لم تُهيّئه دراسته في جامعة الأزهر في القاهرة مع موادها التعليمية الدينية التقليدية، للقيام بهذا الدور.
أميـنة- طالبة أنثروبولوجيا
- عدد الرسائل : 156
تاريخ التسجيل : 30/01/2008
رد: إنتاج الرحالة المسلمون كمادة خام للبحث الانثروبولوجي
صحيح أن الطهطاوي كان يهتم في تلك الفترة أيضًا بالجغرافيا والتاريخ والفلك والعلوم الطبيعية؛ بيد أن المسألة الحاسمة في نموّه واستمرار تطوره كانت بالتأكيد مشاركته في البعثة الطلابية، التي كانت بالنسبة له حجر الأساس - كما كان الحال لدى مشاركين آخرين - في سيرة عملية لاحقة في الجيش أو الإدارة.
ومن حسن الحظ أن الطهطاوي بالإضافة إلى ذلك على خلاف المشاركين الآخرين، لم يكن منتدبًا من أجل تخصص تقني، إنما استطاع أن يوجّه كل اهتماماته للترجمة وبذلك لقراءات واسعة.
تجدر ملاحظة تعطشه غير العادي للمعرفة وقوّة ملاحظته، التي استوعب بفضلها جوانب كثيرة من الثقافة الأجنبية، من تفاصيل الحياة اليومية إلى النظام التربوي والسياسي حتى ثورة تمّوز/يوليو 1830.
ليس من المحتمل أن تكون قد قامت علاقات وثيقة بين الطهطاوي وبعض المواطنين الفرنسيين، وذلك بسبب واجبات العمل الكثيرة. لقد قرأ الطهطاوي نصوصًا لمؤلفين فرنسيين من بينهم مونتِسكيو وفولتير وروسّو، بيد أنه لم يحسن النفاذ إليهم وفهمهم لغويًا وفكريًا.
وفي فترة لاحقة كان للطهطاوي أثراً كبيراً في سياسة "الإصلاح" المصرية، باعتباره مفكّرًا وموظفًا حكوميًا شغل مختلف المناصب الحكومية.
واستمر عمله كرئيس لمدرسة اللغات، ومترجم وداعم للترجمة لفترة طويلة. إذ أنه ترجم الكثير من الأعمال التقنية والتاريخية، وكذلك نصوصًا قانونية، من بينها كتب القانون الفرنسي أو ما يعرف باسم كود نابليون.
وكما كانت الحال لدى الكثيرين من معاصريه، لم يهدأ حماس الطهطاوي أبدًا للفكر التقدمي ولمنجزات أوروبا (العلمية)، التي كان لا بد من مواكبتها للسير في طريق التطوّر، مع احترامه لثقافته الخاصة وإدراكه أنه من الأجدر أن لا يؤخذ كل شيء عن أوروبا.
بيد أَنّ الطهطاوي نادى بإنشاء مجلس نيابي وبتعليم البنات. كما أَنّ السؤال، "كيف يأخذ العرب الابتكارات عن أوروبا، من دون أن يدفعوا ثمن ذلك تخليهم عن هويّتهم الثقافية والدينية؟" لم يكتسب أهميته الفائقة إلاّ في فترة لاحقة.
ومن حسن الحظ أن الطهطاوي بالإضافة إلى ذلك على خلاف المشاركين الآخرين، لم يكن منتدبًا من أجل تخصص تقني، إنما استطاع أن يوجّه كل اهتماماته للترجمة وبذلك لقراءات واسعة.
تجدر ملاحظة تعطشه غير العادي للمعرفة وقوّة ملاحظته، التي استوعب بفضلها جوانب كثيرة من الثقافة الأجنبية، من تفاصيل الحياة اليومية إلى النظام التربوي والسياسي حتى ثورة تمّوز/يوليو 1830.
ليس من المحتمل أن تكون قد قامت علاقات وثيقة بين الطهطاوي وبعض المواطنين الفرنسيين، وذلك بسبب واجبات العمل الكثيرة. لقد قرأ الطهطاوي نصوصًا لمؤلفين فرنسيين من بينهم مونتِسكيو وفولتير وروسّو، بيد أنه لم يحسن النفاذ إليهم وفهمهم لغويًا وفكريًا.
وفي فترة لاحقة كان للطهطاوي أثراً كبيراً في سياسة "الإصلاح" المصرية، باعتباره مفكّرًا وموظفًا حكوميًا شغل مختلف المناصب الحكومية.
واستمر عمله كرئيس لمدرسة اللغات، ومترجم وداعم للترجمة لفترة طويلة. إذ أنه ترجم الكثير من الأعمال التقنية والتاريخية، وكذلك نصوصًا قانونية، من بينها كتب القانون الفرنسي أو ما يعرف باسم كود نابليون.
وكما كانت الحال لدى الكثيرين من معاصريه، لم يهدأ حماس الطهطاوي أبدًا للفكر التقدمي ولمنجزات أوروبا (العلمية)، التي كان لا بد من مواكبتها للسير في طريق التطوّر، مع احترامه لثقافته الخاصة وإدراكه أنه من الأجدر أن لا يؤخذ كل شيء عن أوروبا.
بيد أَنّ الطهطاوي نادى بإنشاء مجلس نيابي وبتعليم البنات. كما أَنّ السؤال، "كيف يأخذ العرب الابتكارات عن أوروبا، من دون أن يدفعوا ثمن ذلك تخليهم عن هويّتهم الثقافية والدينية؟" لم يكتسب أهميته الفائقة إلاّ في فترة لاحقة.
الرِّحلات، أدب. أدب الرحلات ذلك الأدب الذي يصور فيه الكاتب ما جرى له من أحداث وما صادفه من أمور في أثناء رحلة قام بها لأحد البلدان. وتُعد كتب الرحلات من أهم المصادر الجغرافية والتاريخية والاجتماعية، لأن الكاتب يستقي المعلومات والحقائق من المشاهدة الحية، والتصوير المباشر، مما يجعل قراءتها ممتعة مسلية.
أميـنة- طالبة أنثروبولوجيا
- عدد الرسائل : 156
تاريخ التسجيل : 30/01/2008
رد: إنتاج الرحالة المسلمون كمادة خام للبحث الانثروبولوجي
اليعقوبي 298هـ
نسبه و نشأته:
هو أبو العباس أحمد اليعقوبي. ولد في بغداد، ولكنه تركها وهو حدث السن ليعيش في أرمينيا ثم خراسان ومصر. وقد توفي سنة 298هـ الموافق 891 م على الأرجح.
أعماله الجغرافية:
زار اليعقوبي كثيراً من البلدان منها أرمينيا وخراسان والهند وفلسطين ومصر وبلاد المغرب وغيرها.
يعتبر كتاب اليعقوبي "كتاب البلدان" من أهم المخطوطات التي لا تزال موجودة حتى وقتنا الحاضر، وهذه المخطوطة موجودة حالياً في "ميونيخ" بألمانيا الغربية. ولقد نشر اليعقوبي كتابه سنة 298هـ (1 89 م)، أي قبل مماته بقليل. والمعلومات التي تضمنها هذا الكتاب جاءت نتيجة لمشاهدات وخبرات كاتبه بالإِضافة إلى ما جمعه من أخبار ومعارف من أفواه وكتب أهل العلم والدراية ومن المسافرين والتجار.
وكان أسلوب اليعقوبي وصفياً سلساً شيقاً في عرض المعلومات يميل إلى التحليل العقلي والمنطقي وقد قسَّم المنطقة التي غطاها كتابه إلى أربعة أقسام حسب تقسيم الجهات الأصلية، الشرق والغرب والقبلة (الجنوب أو مطلع سهيل) والشمال (وهو كرسي بنات نعش).
ويعتبر اليعقوبي مجدداً في تقسيمه المناطق التي وضعها على أساس الولايات، بالإِضافة إلى ذلك فإنه قد سجَّل معلومات قيِّمة عن طرق المواصلات في عصره جلبت انتباه واهتمام الكثيرين. ولكن مما يأخذه البعض عليه في كتابه أنه خصَّص جزءاً كبيراً منه لوصف كل من بغداد و سامراء شغل حوالي ربع حجم الكتاب تقريباً. ولكن ذلك لا يعتبر في نظرنا عيباً، وخاصة إذا ما علمنا أن ذلك الرجل قد ولد في بغداد وعرف الكثير عن العراق وكان من السهل أن يكتب عن مسقط رأسه الشيء الكثير.
الهمداني (280 هـ ــ 334هـ)
نسبه ونشأته:
هو أبو محمد الحسن بن أحمد الهمداني، يمني الأصل والمولد والنشأة، اهتم في صباه بدراسة الأدب القديم في بلاد اليمن وجنوب الجزيرة العربية.
توفي الهمداني سنة 334هـ (945م) وهو نزيل أحد سجون صنعاء، لقد كان ذلك العالم الجليل شخصية فذة وشعلة مِن النشاط والذكاء والحماس امتاز بمقدرة عالية على الملاحظة تناولت علوماً شتى كالتاريخ والجغرافيا والفلك وعلم أنساب العرب وتاريخ الجزيرة العربية وآثارها القديمة ولقد استطاع أن يفك رموز كتابات عربية قديمة وجدت في جنوب الجزيرة.
أعماله الجغرافية:
يعتبر الهمداني من أحسن الذين كتبوا وأجادوا في الجغرافيا الإِقليمية، وكتابه "صفة جزيرة العرب" يعتبر فريداً من نوعه في هذا المضمار. فقد أجاد في وصف جزيرة العرب واعتمد في وصفه لبلاد اليمن على ملاحظاته الشخصية. أمّا وصفه لجزيرة العرب فإنه يعتمدها الدرجة الأولى على الرحاّلة والتجار والحجاج الذاهبين إلى مكة والعائدين منها.
بدأ الهمداني كتابه بتمهيد رياضي جغرافي شرح فيه الطرق المختلفة لتحديد خطوط الطول ودوائر العرض، وبعد ذلك قسَّم العالم إلى سبعة أقاليم على غرار التقسيم الذي اتبعه بطليموس. ثم كرَّس الجزء الأساسي من كتابه لوصف الجزيرة العربية، وقسمها إلى خمسة أقاليم منها: نجد وتهامة والحجاز واليمن وتناول كلاً منها بالشرح والتحليل.
ولا يزال كتاب الهمداني حتى هذه اللحظة يحتفظ بقيمته العلمية، وقلما نرى أي كاتب يرغب في كتابة في الوقت الحاضر عن جزيرة العرب ولا يرجع إلى هذا الكتاب لتوسيع أفق مداركه عن هذه البقعة من العالم
أميـنة- طالبة أنثروبولوجيا
- عدد الرسائل : 156
تاريخ التسجيل : 30/01/2008
رد: إنتاج الرحالة المسلمون كمادة خام للبحث الانثروبولوجي
الخوارزمي (ت- 221ه)
نسبه ونشأته:
هو أبو عبد الله محمد بن موسى الخوارزمي أحد مشاهير علماء المسلمين قي الرياضيات والجغرافيا والفلك، عمل تحت رعاية المأمون الخليفة العباسي الذي عرف بتشجيعه للعلم والعلماء. وقد توفي سنة 221هـ- 835 .
أهم أعماله وشهرته:
الخوارزمي شخصية عالمية الشهرة. ولعل من أهم دعائم شهرته بوجه خاص كتابه المعروف باسم "كتاب المختصر في حساب الجبر والمقابلة" ولقد شارك الخوارزمي في التجارب العلمية التي كانت تتبناها دار "الحكمة" ومنها ذلك البحث الخاص بقياس محيط الكرة الأرضية والذي ساهم قي إجرائه فريق من العلماء المسلمين.
ومن أعماله الجغرافية التي ذاعت شهرتها كتاب "صورة الأرض" حيث تكثر فيه الجداول الفلكية
التي رتَّب فيها أسماء الظواهر البشرية والطبيعية المختلفة (مثل المدن والجبال والبحار والجزر و الأنهار). اعتمد الخوارزمي على ظاهرة فلكية مهمة هي درجات العرض في تقسيمه للعالم إلى سبعة أقالي.
لقد بينت إحدى خرائطه مجرى نهر النيل الذي يتضح من فحصها أن مجرى ذلك النهر كان معروفاً للجغرافيين المسلمين في ذلك العصر.
وأما خريطته لبحر أزوف البحر الأسود الحالي فقد كانت فريدة من نوعها واختلفت عن الخرائط الأخرى التي جاءت قبلها في أنها تظهر الشمال في الجزء الأعلى من الخريطة كما هو سائد حالياً.
ولقد استفاد الغرب من مادة كتابه "صورة الأرض" وخاصة الجزء المتعلق بخطوط الطول ودوائر العرض وذلك بطريق غير مباشر فيما بعد عندما استخدمها الزرقالي في "جداول طليطلة" التي كتبها في القرن الحادي عشر الميلادي وتم ترجمتها إلى اللاتينية بعد ذلك فاستخدمها الغربيون.
البكري (432هـ ــ 487هـ)
نسبــه ونشأتــه:
هو أبو عبيد عبد الله البكري الذي ينسب إلى بكر بن وائل. ولد في الأندلس سنة 432هـ. كان جده وأبو أميرين على مدينتي ولبه وشلطيش الواقعتين غربي إشبيلية على ساحل المحيط الأطلسي بالأندلس. وقد ترك أبوه إمارته عندما وقعت تلك الإِمارة في أيدي العباديين أمراء إشبيلية، ونزل مع أسرته قرطبة التي حافظت علِى مركزها وأهميتها بعد سقوط الأمويين. كانت قرطبة آنذاك مركزاً ثقافياَ ممتازاً وملاذاً لأمراء الأقاليم الذين كانوا يفقدون إماراتهم وسلطانهم.. وفي ذلك المركز الثقافي المهم واصل البكري دراسته وانتسب إلى تلك المدينة لدرجة أنه عرف فيما بعد باسم "القرطبي" وأصبح في يوم من الأيام وزيراً لأحد الأمراء وقد قام بمهمة دبلوماسية لدى أمراء إشبيلية.
أعماله الجغرافية:
يعتبر البكري أعظم جغرافي أخرجته بلاد الأندلس قاطبة. وقد أضاف إلى المصنفات الإسلامية العربية كتابين هامين: الأول وهو كتاب "المسالك والممالك" ثم الذي تناول وصف طرق المواصلات، وبلاد العالم الإِسلامي المختلفة. ولاشك أن هذا الكتاب قد ظهر في صورة ممتازة. ولقد فُقِدت أجزاء من هذا الكتاب، وأما الأجزاء التي كتب لها البقاء فتحتوى على وصف مفصل لشمال إفريقيا ولسكان منطقة بحر قزوين. ولقد استفاد من هذا الكتاب عدد كبير من الجغرافيين أمثال ياقوت والدمشقي وغيرهما.
وأما الكتاب الثاني وهو"معجم ما استعجم" فقد أتى على صورة معجم جغرافي شامل رتَّب فيه البلدان وعالجها حسب ترتيبها الأبجدي، وقد كانت فكرة المعاجم مألوفة قبل عهد البكري ولكنها فقدت أهميتها مع مرور الزمن. ولما كتب البكري معجمه اعتبر أنه تجديد في ميدان علم الجغرافيا، ولم يتناول معجم البكري الكلام عن معلومات جغرافية فقط، ولكنه تكلم بالإِضافة إليها عن موضوعات متعددة. فمثلاً عند كلامه عن جزيرة العرب تعرض لأسماء الأماكن التي وردت في القرآن الكريم والحديث والشعر الجاهلي والقصص البطولة وأخبار الغزو. ثم تكلم عن حدود الجزيرة ومناطقها وأقاليمها كالحجاز وتهامة واليمن. وبعد ذلك انتقل الحديث عن القبائل العربية في بلاد العرب وهجرتها المختلفة، ولقد اعتبر هذا الكتاب كمرجع فريد
من نوعه في معالجته لموضوعات مهمة مثل الجغرافيا والتاريخ العربي القديم والشعر الجاهلي.
الخــاتمة :
لقد أدى الرحالة العرب مهمة سامية للأجيال القادمة، إذ أسهمت كتاباتهم لأدب الرحلات فى نقل كثير من
الصور الجميلة والمشاهد المميزة لتلك البلاد وطبيعتها الجغرافية، وظروفها المعيشية وألقوا الضوء على تاريخ هذه البلاد وأفكار سكانها وعادات وتقاليد قد تختلف وقد تتفق مع عادات البلاد التي جاء منها هولاء الرحالة، فأسهموا بذلك في نقل بعض ثقافات الشعوب الأخرى، وإثارة الاهتمام بها وتشجيع المهتمين من العلماء وطلبة العلم على زيارة تلك البلاد للنهل من معارفها وعلومها ، و هذا ان دل على شيء فهو يدل على أن الدعائم الأولى للأنثروبولوجيا أصلها عربي أو بالأحرى إسلامي من خلال ما قام به هؤلاء الرحالة المسلمين من رحلات استكشافية و علمية في نفس الوقت الا أن الغربيين سبقوهم بتأسيس علم قائم بذاته له أسس علمية و منهجية .
أميـنة- طالبة أنثروبولوجيا
- عدد الرسائل : 156
تاريخ التسجيل : 30/01/2008
رد: إنتاج الرحالة المسلمون كمادة خام للبحث الانثروبولوجي
لا شكر على واجب أخي العزيز فنحن نفيد و نستفيد حتى نحقق غاتنا في رقي هذا المنتدى ، و الفضل كله أخيرا يعود لله رب الخلق أجمعين فحمدا و ثناءا كبيرين له .
أميـنة- طالبة أنثروبولوجيا
- عدد الرسائل : 156
تاريخ التسجيل : 30/01/2008
رد: إنتاج الرحالة المسلمون كمادة خام للبحث الانثروبولوجي
كل الحب والاحترام والتقدير والدعاء الصالح والشكر الوفير، لأخت وعضوة فعالة، وفقت الى حد كبير في هذا الطرح المنير.
لمياء- اجتماعي
- عدد الرسائل : 88
العمر : 39
تاريخ التسجيل : 13/01/2008
رد: إنتاج الرحالة المسلمون كمادة خام للبحث الانثروبولوجي
شكرا أختي لمياء هذا من فضله عز وجل علينا ، و انا لم أقدم إلا القليل القليل وهذه ليست الا مساهمة بسيطة أرجو أ ن يستفيد القارئ منها ، شكرا مرة أخرى و ملاحظاتكم القيمة هي التي تجعلني أستمر في المتابعة و العطاء .
أميـنة- طالبة أنثروبولوجيا
- عدد الرسائل : 156
تاريخ التسجيل : 30/01/2008
رد: إنتاج الرحالة المسلمون كمادة خام للبحث الانثروبولوجي
[color=brown]بارك الله فيك أخي مصطفى ، ملاحظاتكم وتشجيعاتكم هي سر استمراري.شكرا مرة أخرى [/color]
أميـنة- طالبة أنثروبولوجيا
- عدد الرسائل : 156
تاريخ التسجيل : 30/01/2008
منتدى آفاق الفلسفة و السوسيولوجيا و الأنثروبولوجيا :: منتدى الانثروبولوجيا :: منتدى الانثروبولوجيا ANTHROPOLOGIE
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى